Monday 31 January 2011

محطة أخبار الجزبية


      كلنا نستقي أخبارنا من مصادر موجهة مأجورة، تابعة و خاضعة لأجندات متفرقة، فها هي محطة تصر أن ما يحدث في مصر بفعل تنظيم دون آخر، و حركة السلب و النهب هي نتاج أي حركة تحرر، و مصير كل من تسول له نفسه حلم التحرر، و أخرى تصر أن الشرطة، و بسبب تعاملهم الدائم بحكم الوظيفة مع اللصوص و الغوغاء، أصبحوا منهم و يترأسوا عصابات للنهب و الترويع، و أخرى تستضيف من لندن المناضل المستتر الذي يوافينا من تجربته الشخصية التي مر عليها فقط خمس و ثلاثين عاما حينما أُبعد في عهد الرئيس أنور السادات، و ينظّر علينا من عاش مستجديا بكنف النظام الدكتاتوري و يحدثنا بمجموعة من المصطلحات التي يكاد لا يفهمها غيره من ديماغوجيا و ثيوبلطجية و الانبطاحية الزئبقية الموالية للغرب، و كأنه لا يعلم أنه لم يعد هناك شرق حتى نميز منه الغرب، و آخر أستاذ دكتور متأرجح بين جامعة بطر و جامعة وست بست يلقي بمحاضرة عن ما يمكن حدوثه فيما لو أن و لكن و ليت و لعل، و المحلل السياسي يباغتنا بعصارة تحليلاته فيخرج بأن المطلوب قيادة شعبية من النخبة ذات اضطلاع بالمسائل الاقتصادية بخلفية عسكرية دبلوماسية يؤمن بالشيوعية العشائرية و ملتزم دينيا، و حتى بعض فنانين من نخبة الاراجوزات وصلهم الدور في تملق الإرادات.
      أما الشباب صاحب الحق الوحيد يبقى مستسلبا حقه، مكمما فاه، مقطعة أوصال لغته، المرابطين في ذاك الميدان ينتظروا تحقيق اسمه (التحرير)، فلا بواكي له، يأتيهم بطل يحمل الامل سقط عليهم بمظلة نووية، و أيسر كهرباء لم يره أحد بين الحشود لانشغاله بطباعة البيانات، و قيادات و قيادات تخاف على نفسها و كأن أرواحهم أغلى على الوطن من أرواح أولئك الشباب، شباب يعرف ركوب الحافلة، يعرفوا اسم بائع الفول يحدثون الكل و هم من الكل، يسبحون في دنيا العالم الرقمي فيروا و يقارنوا فيتحسروا و يتألموا ثم يتساءلون لم نحن لسنا ككل من نراهم هناك؟
      اليوم لا قادة فكل من هناك من الشباب هم القادة، احذروا ان يسلبكم عناءكم دمى السياسة، و أبواق النظريات، فاليوم انتم القادة.

فارس غرايبة

Friday 28 January 2011

مصر.......ألف ليلة و ثلاث ليال


      ناموا فنمنا و ننام فينامون، كم تغزلنا بالليل و النجوم، كم أبدع الشعراء بعد أرقهم بهيام يسهرون، هل عشقنا الليل حتى توطنت فينا الظنون؟ حتى إذا ما الشمس سطعت نلوذ وراء العيون، و حينما نرى من يعشق النور نتهامس جهلا و خجلا لا يستطيعون لا يستطيعون.
      لو أن أحدا أعرض عني أنطوي و تؤرقني الليالي لأعوام و يمسني الجنون، فكيف من يهتف آلاف ملء الحناجر أخرج ابتعد و لصوره يمزقون؟ و يسعى لتكميم الأفواه و قطع أوصال سبلهم عبثا فإن لم يسمعهم أو يراهم احد فملايين وراءهم بقلوبهم يرون و يسمعون، نعم لقد ذاقوا دفء الشمس بعد ليل طويل ظلامه يلعنون.
      أشرق فجر، يفضح القهر، يهز القبر، يكشف الجحر، جباه سمر، تحمل سفر، دستور الحر، ساعة صبر.

فارس غرايبة

Saturday 22 January 2011

شهيق و زفير


      بعض الكلام لا تحتمله الكلمات و تهابه الحروف، كما شمس الصباح تفر منها النجوم، و أحيان تأتي بسذاجتها الغيوم، ظنا بأنها تحجب النور، لكن الريح تطردها إلى ما وراء الغسق البعيد، فتبكي و دمعها يبلل الطريق، طريق الحياة أبدا لا نعرف أهو قصير؟ أم زلقة وعرة هي الطريق؟ تتعرج بنا الأيام بين شهيق و زفير، بعض الشهيق مؤلم لكن لا حياة دونه و بعض التنهيدات زفير، ننام هربا من آلام، فتؤرقنا حلما يمزق هدوء الليل، بسكين الهم الدفين، نبحث في الغد عن دواء لذاك الذهن العليل، فنغوص برمال صحراء النفس بحثا عن دواء يشفي سقما في الأحشاء دفين، أهو وهم اصطنعناه أم حقا وباء مستشري بين الأضلع يسير؟ دموع تحرق الأجفان تغتصب البكاء فترتد على الصدر عبئا ثقيل، أتوقفت الأرض سعيا وراء الغد بشروق الشمس الجليل؟ فتصبح لتجلي العتمة و يمضي يوم من الزمن الحقير، زمن استفحل في نفوسه حقد دفين، يستتر وراء نفاق رياء لوهلة جميل، ضاع الحق و دفنه غبار القبور، فتنازع النفس الأبية و تتوق للنفور، تصارع الهدوء تصرخ أما من نصير، لكن لا ندري إلى أي وجهة نسير، أسيباغتنا الغد بألم جديد، بيده سيف قُدّ من حديد، أم أن في الغد عيد؟

فارس غرايبة

Wednesday 19 January 2011

تائه بين ماركة و الماركة


      لا فرق عندي بين من يقود الأفانتي و من يرتدي ملابس من أفانتي، كما أن من يرتدي البربري ليس بالضرورة أن لا يكون بربري، أما إن لبست الفندي إياك أن تعتقد انك بذلك تصبح أفندي، و أجزم أن من ترتدي الجوسي ليست ( غضة / طرية ) كما تُعلن تدري أو لا تدري.
      اتصلت بي سيدة تروّج لاشتراك بعضوية احد الفنادق بعمان، قالت ( بونجور ) طبعا أجبت يا هلا، و بدأت بشرح ميزات العضوية و أغلبكم يعرف عما أتحدث من تجاربكم، و أقنعتها بأنني لست من رواد أي مكان حتى أوشكت أن تقتنع هي أيضا بعدم الخروج، و بقيت تسألني ( أنت ما بتضهر أبدا؟ ) ما أستغربه الاعتقاد السائد لدى أصحاب هكذا حملات أنها ستنجح بتغيير اللهجات، كما هي الإذاعات و المحلات، فكثير من صالونات السيدات يعمل بها ( جو ) من زوء مكايل الذي كان بالأمس عبد الستار من الرصيفة، وبالحديث ما عدت أميز بين عودة و عودة و عودة، عودة: الفعل الحلم و عودة: الاسم و عودة: البنك، يا ناس ارحموا أنفسكم.
      مسكين من تنطلي عليه خدع الخِلَع، و ساذج من يعتقد أن النعومة و الجمال مرتبط بلهجته، هل تواجه ثقافتنا حملة إقصاء بالقاف أو بالخاء سمها ما تشاء، أم أن لكل زمان لهجة و بلاء؟      
فارس غرايبة

Monday 17 January 2011

تخبيص و هذيان


      عفوا،،،، لقد فقدت البوصلة، ليست معطلة و ليست مكسورة بل مفقودة، بالأمس القريب أشعل محمد النار بنفسه، بعضهم قال لضيق مادي و لبطالة و آخر لكثرة الأعباء، الحقيقة لا أعرف لكن أظن الكرامة، اسرح و أجول كيف من عاش ضنك الفقر و نكد العوز بعفوية تصرفه يحدث زلزالا يطيح بعرش من عاش حياته بترف و سلطان مطلق؟ سبحان الذي على العرش استوى. هل هي الأسباب أم الدنيا؟ مخيف لكل من ظن انه بمنأى عن خطوب الدهر، من بعده شباب في الجزائر و آخر في مصر و موريتانيا حذوا حذو محمد، لكن لم يخرج أحد، هل مازال هناك متسع للصمت؟ أم كم من حرق الشباب يحتاج الأمر؟ لا أدري لم خطرت ببالي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، لا أدري ..... هذيان.
      هل ما يمنع تكرار النموذج التونسي في مصر خوف الشارع عموما من نشوء نظام حكم ثيوقراطي؟ كونهم أقوى المعارضات و أكثرها تنظيما؟..... عفوا عدت للهذيان.
      مدد فاز المنتخب بمباراة اليوم، مدد جاء للحكومة الرفاعية مدد، الكل فرح بزهو و يطير بالعلم حتى اقتلع الوتد، مدد. غريب أو لا ادري، لكن اعتماد النمط الاستهلاكي و الابتعاد عن الزراعة و اعتمادها مهنة في المجتمعات، يؤدي إلى تآكل الطبقة الوسطى، مما يوسع من الفجوة الطبقية، التي بدورها تؤدي إلى انعدام تكافؤ الفرص، إن أردنا أي إصلاح اقتصادي منهجي يجب أن نركز على إعادة هيكلة و إحياء للطبقة الوسطى دون الاعتماد على الوظائف الحكومية العامة، بل بتشجيع المشاريع الصغيرة و المتوسطة حجما و دعمها بطرق عدة، منها تخفيف أو إزالة العبء الضريبي عليها، و الاستعاضة عنه بتحميل الفوارق على الشركات الكبيرة، و تسهيل الحصول على التمويل الميسر صغير الحجم و قليل التكاليف، و لا ننسى أن لا بد من تحمل بعض الفترات من الإرهاق المالي العام في البدايات، باختصار إذا فرضت ضرائب على الشركات الكبيرة لا بد من منعها من تجيير هذه الأعباء، و إعادة تدويرها و فرضها على المستفيدين من ناتج ( سلع أو خدمات ) هذه الشركات، يعني إذا فرضت ضريبة مثلا على شركات الاتصالات أو الكهرباء يجب منع هذه الشركات من إضافتها على فواتير المستهلكين و يصبح طول الفاتورة مترين، بل يجب اقتطاعها من أرباح هذه الشركات دون تحميلها على المواطن. فهمتم قصدي؟ عفوا عدت للهذيان و التخبيص أيضا.
      ها هي صدرت لائحة القرار ألاتهامي، لا اعرف فحواها، هل ستعصف موجة من الحرق لبنان؟ أم تمخض الجبل فولد فأرا، عفوا عدت للهذيان، خير لي أن انسحب، آسف لإزعاجكم بهذياني.

فارس غرايبة

Thursday 13 January 2011

وطني يؤلمني


      علّمتني الأيام أن لا وجود لعفوية الأحداث، فإن أرادوا أن يحدث شيء، فإما أن يُطلقوا العنان للأيادي الخفيّة المستَتِرة وراء قفّازات مختلفة الأشكال لتتحرّك بالخفاء، و إما أن يُبادروا بمجموعة من الضّغوط تدفع باتجاه مجموعة من قرارات و توجيه إعلاميّ مع بعض المحفزات الشعبية بنكهة الوطنية، لخلق حالة من الأجواء تؤدّي إلى ما يُريدوا من أحداث و تحرّكات.
      علّمتني الأيام أنّه و إن وقف خطيب مُفوّه يَصرُخ لساعات في أكثر الأماكن ازدحاما، يمكن أن يستوقف ما لا يزيد عن عدد أصابع اليد من المارّة، يرمقوه بنظرات العطف أو الاستغراب أو أن لا يسمعه أحد كونه بنظرهم مجنون، و كل من يسمعه منهم لن يدرك موضوع الحديث بتاتا لازدحام الهموم.
      مِن هذا، و لا أدري هل هو تفكير ملتو أم أنّني أهذي!! يبرز في لبّي تساؤل لم استهدي إلى الجّزم بجوابه، ماذا بعد؟ ما الغرض، ما الغاية؟
      هل نَضج ما يُطبخ من قرارات سياسيّة مصيريّة في كواليس السّاسَة خفاء في تلك البلاد البعيدة بمشاريع عابرة للإرادات و الأماني؟ أم أن نُذر قدرنا في هذا الحي من المعمورة تَلوح بالأفق بحرب جديدة؟ فلا بد من تهيئ التربة الخصبة لدوّامة اندهاشاتنا الساذجة اللامنتهية؟
      لا أؤمن بعفويّة الأحداث و لا بعفويّة التحرّكات و فوق كل ذاك لا أؤمن ببراءة السياسة.

فارس غرايبة

Wednesday 12 January 2011

سهل البركان


      قليلة هي الأشياء التي باتت تسعدني، أتوجس من كل خبر و كل صورة، اقلب الأصوات باحثا عن الطعن المخفي من وراء الظلال القاتمة و الأيام القادمة، ماذا يضمر لنا الغد بطلّته الرهيبة؟
      بالأمس كانت تونس خضراء و اليوم كأنما خضبها لون علمها حمراء، و مصر أصبحت كأنها لا تنام ليلها إلا مرتجة كطفل اعتاد هز أمه لسريره في ليلة شتاء، و الجزائر كأنه ريشة قذفها طائر بالهواء، و السودان أصبح سودانان للغرب رياء.
      أيعقل أن أرضا كانت تطعم الرومان يبات احد بها جوعان؟ نعم حوران، سهل البركان. و يعقل أن ساكن النيل ظمآن؟ للحق عطشان؟ مستحيل أن ابن بطل صنديد مغوار يكون جبان؟
      سحقا لهذا الزمان.
      كأننا في قارب بلا شراع و لا دفة و لا ربان، في قعره خرقان، احدها هناك إلى الغرب منا و آخر إلى الغرب من إيران، لوحة رسمت بدم طفل أبدعها شيطان، بريشة من جناح هدهد سليمان.
      سحقا لهذا الزمان.


فارس غرايبة 

Sunday 2 January 2011

انتشار الشيطان


      ما الذي حل بنا؟ هل تملّكَنا الشيطان أم نحن من دعاه لتملُّكنا؟ هل وَهِنّا حتى أصبحت عقولنا لقمة سائغة سهلة؟ أم انه فعلا يأتي بألف لبوس و لبوس؟
      تركب سيارة أجرة، يكون المذياع على محطة تبث الأدعية و المواعظ، و بعد لحظات يباغتك السائق بهمزة و لمزة عن فتاة تسير على الرصيف، لا ادري هل هو ما سمع شيء مما كان يصدح به المذياع، أم لم يفهمه، أم أنها صرعة هذا الزمن و أصبحت مجرد زينة شكلية يتمنطقها كل من يشاء؟
      نسير بالطرق و كأننا بحرب ضروس نزاحم حتى أنفسنا، نشك بكل ما حولنا حتى شككنا بغاية الابتسامة، لا نثق بكل ما حولنا حتى ما عدنا نثق بالطبيعة و الفطرة.
      نقتل، نعم نقتل كل ما يخالفنا، نقتل بالدم أو بالكلام أو حتى بالنظرة، و الأدهى من كل هذا و ذاك يأتينا من يبرر هذا عنوة جزافا سرا و علانية.
      هل هذا جنون أم مس شياطين؟ أين ذهب المتعقلون؟ أذهبوا ضحية؟ أم خضعوا و استكانوا لهذا الزخم العارم من الجنون؟ أم جمدتهم و سلبت أدمغتهم الشياطين؟
      أُمّ تستبح أرواح أبنائها و أب يستبح عذرية ابنته و تعينه أمّها، و أحداث شر يعجز اللسان عن وصفها، تشمئز لتصورها الأبدان، كلها تبدأ حينما نستهين القدح و الذم و القذف، كلها تبدأ حينما نطلق الأحكام عنوة و جزافا، كلها تبدأ حينما ننصب أنفسنا بمنزلة ليس لأي من البشر حتى حق الاقتراب منها بأي زمان.    

فارس غرايبة