Tuesday 16 August 2011

آسف....لم أجد عنوان



منذ فترة وجيزة دعاني صديق للخروج معه إذ كان يزوره أحد معارفه، خرجنا في جولة مع ذاك الزائر في عمان، تعرفت على الزائر و عرفت أنه سوري مقيم في الرياض.
أثناء تجوالنا سألني الزائر هل أنت أردني أردني؟ فأجبته ببساطة، أردني حتى أجدادي الأربع من نفس العائلة، فما كان من ذاك الزائر إلا أن "جلّس" و تنحنح و غير نبرة حديثه، فبدأ يحمد بدماثة رجال الأمن العام و يشيد بنظافة شوارع عمان، و أنا بداخلي صدقا أضحك باكيا، حتى هذا استملكت تصرفاته و حديثه تلك الخزعبلات؟ من أين له أن يتحدث بهذه الطريقة و ما دافعه؟
نظرت إليه و قلت لا. نظرني مستغربا ما هو الذي لا؟ قلت له لا، لا يطريني كلام نفاق يحيد و يتلون حسب المجالس، لا أقارن بلدي بما هو دون، أقارن بلدي بما أتمنى أن يكون، حلم نعم حلم و لكن كم من الأحلام تتحقق، لا أقبل أن يقارن بلدي بشواذ الأمم و لا أقبل أن أقيس بمسطرة سالبة، و كما هو ولدي لا أقبل أن يكون فقط ناجحا بل إن لم يكن مبرزا أأنبه و أعاتبه خصوصا بعد الجهد و الجد و الاجتهاد، نعم حينما أرى أسم إبني على لوحة الشرف في المدرسة ينتابني شعور و كأن قلبي وصل بلعومي زهوا و فخرا.
نعم هكذا أحب بلدي و لا أقبل به أن يكون دون لوحة الشرف، بنفس الوقت إن تألم ولدي من وخزة شوكة لربما لا أنام الليل، و إن أغضبني أغضب منه لكن حذار حذار فأنا بنفس الوقت أكره من يقول لغضبي آمين.
عود إلى قصة ذاك الزائر، و لإستسخافي موضوع الحديث المدهون المعسول، سألته ما الذي يحدث في بلدك الآن؟ نرقب كل الأخبار، نتألم، نتفاءل، حدثني ما الصحيح؟ رد بأن كل ما نسمعه و نراه ليس صحيح و على حد قوله "ما في منو شي". و هنا رددت عليه أتريدنا أن نكذّب كل ما نرى و نسمع و نصدق شهادتك و أنت أصلا بحكم مكان إقامتك أبعد منا عن الحدث، و التفت إليه و سألته بنفس نبرته الاولى عن أصله من أي المدن في سوريا؟ فأجاب من اللاذقية، و "لأردها عليه" أقصد أن أرد عليه سؤاله اللابريء "أردني أردني"، سألته، و أعترف أن سؤالي لم يخل من الخبث، من هو الشيخ صالح العلي؟ رد و الاستفزاز باد على محياه، "أصلا الشيخ صالح العلي مو هو يللي كان صاحب السَورة، أصلا السَورة آمت من اللازءيه، و يللي كان آيدا جدي"، ابتسمت و عرفت كم للتاريخ بحياتنا أثر و جراح، و كم نتمسك و نتغنى به ربما لكوننا بلا حاضر. وصلت لمأربي و إن كان لبيبا فهم مقصدي من السؤال، مع شكّي، فكم أرسب التاريخ الهجين بالنفوس الضعيفة ضغائن صنيعة الغايات و المآرب.
كم جميل معرفة التاريخ للعبرة لا للعبور.

فارس غرايبة

No comments: