Saturday, 30 April 2011

آلام الشوق حرقت الجفون


مَن قال أن الموت كبير و يصغر؟ ربما، روع الحدث و صدمته تصغر و نصحوا مدركين، إلّا أن ألم الفراق تخبو حرقته إذ تُزاحمه نار جحيم الشوق المتأجج، نعم شوق يشقّ على أحداث الأيام أن تزاحم ذكراه، تشاغلنا أحداث ينبع من جوفها ذكرى مَن لو كان هنا بيننا.
شوق نصحوا عليه، شوق لتلك الابتسامة، شوق لهدوء الأمان، شوق لحكمة في زمن الرعونة، شوق لسنّة "ربّك بيسّر"، شوق لرصانة مواجهة الخطوب مهما عظمت بابتسامة تُبَرّد نار الحنق الجاهل.
كنت جاري أدخل عليك المكتب، تُحدّثني بكلمات أحيانا و بنظرات أحيانا أخرى، ألجأ إليك دائما رغم سنّي لكني بجوارك صغير أبقى.
مَن لي الآن؟ أثقل كاهلي بعض من ذاك العبء الذي كنت تحمله لوحدك، و لم أسمعك تشكو يوما، أمّا أنا فمن بعضه أصيح كل يوم. إن كان يجول في لبّي سؤال هو: كيف؟ كيف كنت تحتمل كل ذاك لوحدك دون انسحاب، تلكك، أو تململ؟
نعم، في الموت قهر و أيّما قهر، لكن ليس لمن يختارهم المولى عز و جل بل القهر لمن بقوا من بعدهم أحياء.
لم يرني أحد ذاك اليوم بدموعي تصبرا أبكيك، نعم، لأن القلب كل يوم ألما يبكيك، يضيق الصدر، ترتجف الحناجر، ترتد غصّة بين الضلوع كلّما اشتقت أن أناجيك.
ليس موعد الذكرى، و لا الصور أو الأصداء، ما احتجت لأي من ذاك ليذكرني، لأني أبدا لم و لن أنساك.
عذرا خنقتني العبرات.

ابنك فارس

Sunday, 3 April 2011

فلسفة في الفراغ


في بهو أحد الفنادق، في رحلة طالت مدّتها، و تلك الأيام كنت أتواصل مع الجميع، و خصوصا في تلك البلاد، إذ ما من تفسيرات و تأويلات لتصرفاتك سوى ما بدر، فإن ابتسمت لأحدهم رد الابتسامة دون تفسير و تأويل مريض لابتسامتك الأولى.
على أي حال صادفت فتاة و بدأنا بالحديث، لا أدري كيف وصل بنا الموضوع إلى الأحلام و ما هي، ففاجأتني بسؤالها: لم تعتقد أنك لا تعيش حلم الآن و الأحلام هي واقعك؟ أنت في حلم فعلا و أحلامك هي محاولة روحك الخروج من هذا الحلم.
التفت إلى رفيق سفري الذي جاء معي من عمان و قلت له: نحن في مكان خطأ، فلننسحب و بسرعة، و بعد انسحابنا الدبلوماسي.
سأل رفيق سفري: ما المشكلة؟
المشكلة أنها إمّا متعاطية لشيء ما أو أنها فاقدة لمعان التمييز.
عاودتني الذّاكرة لمقولتها، لم تعتقد أنّك في الواقع و لست في حلم، و حلمك هو الواقع و تحاول روحك بالأحلام العودة إلى واقعها؟ سؤال في مكانه، لم نعتقد أنّنا نعيش واقع؟ هل بسبب المشاعر؟ أو الآلام؟ فبالأحلام نشعر بذلك أحيانا، كثير ما كنت أبكي بأحلامي، و كنت أصحو و الدمع على خدّي، ما مدّة حياتنا مقارنة بأزلية الروح؟ إنّها أقصر بكثير من مدة أحلامنا مقارنة بحياة أجسادنا.
هل هناك ما يشير إلى زوال أو موت الرّوح؟ أنا شخصيا لم أجد، فالرّوح بالموت تغادر الجسد، كما ربط البعض الأحلام بالروح و مغادرتها الجسد أثناء النوم، لا أدري مدى صحّة التفسيرات للأحلام و أسبابها لكن ما من شيء يشير إلى فناء الروح.
لِمَ نربط أرواحنا بأجسادنا، فالحياة للأجساد و الأزلية للأرواح التي تعود لبارئها، فبالحياة نغذّي الأجساد و الأرواح، بالغريزة غذاء الجسد، و بالروحانيّات على اختلافها و تعدّدها غذاء الروح.
الموضوع شائك ضبابي و مضحك للبعض، لكن قبل أن تضحك أو تحكم فكّر و تعمّق، و ابتسم بعد ذاك بروحك لا جسدك.

فارس غرايبة