مَن قال أن الموت كبير و يصغر؟ ربما، روع الحدث و صدمته تصغر و نصحوا مدركين، إلّا أن ألم الفراق تخبو حرقته إذ تُزاحمه نار جحيم الشوق المتأجج، نعم شوق يشقّ على أحداث الأيام أن تزاحم ذكراه، تشاغلنا أحداث ينبع من جوفها ذكرى مَن لو كان هنا بيننا.
شوق نصحوا عليه، شوق لتلك الابتسامة، شوق لهدوء الأمان، شوق لحكمة في زمن الرعونة، شوق لسنّة "ربّك بيسّر"، شوق لرصانة مواجهة الخطوب مهما عظمت بابتسامة تُبَرّد نار الحنق الجاهل.
كنت جاري أدخل عليك المكتب، تُحدّثني بكلمات أحيانا و بنظرات أحيانا أخرى، ألجأ إليك دائما رغم سنّي لكني بجوارك صغير أبقى.
مَن لي الآن؟ أثقل كاهلي بعض من ذاك العبء الذي كنت تحمله لوحدك، و لم أسمعك تشكو يوما، أمّا أنا فمن بعضه أصيح كل يوم. إن كان يجول في لبّي سؤال هو: كيف؟ كيف كنت تحتمل كل ذاك لوحدك دون انسحاب، تلكك، أو تململ؟
نعم، في الموت قهر و أيّما قهر، لكن ليس لمن يختارهم المولى عز و جل بل القهر لمن بقوا من بعدهم أحياء.
لم يرني أحد ذاك اليوم بدموعي تصبرا أبكيك، نعم، لأن القلب كل يوم ألما يبكيك، يضيق الصدر، ترتجف الحناجر، ترتد غصّة بين الضلوع كلّما اشتقت أن أناجيك.
ليس موعد الذكرى، و لا الصور أو الأصداء، ما احتجت لأي من ذاك ليذكرني، لأني أبدا لم و لن أنساك.
عذرا خنقتني العبرات.
ابنك فارس
No comments:
Post a Comment