في صباح ذاك المساء البعيد، من زمن غابر سنتمدد فوق العشب الغض، تداعب افواهنا بعض كلمات تنساب عبارات لا نفهم من أين تأتي، نسمات وقحة تهب بين الفينة و الأخرى تداعب صفحات الوجوه و تتسلل بعضها تحت الرداء فتقشعر بعض شعيرات نامت منذ زمن، ينظر إلي نديمي و يعرض علي لفافة تبغ.
هيا أشعلها و انفث لن يشعر أحد صدقني أنظر كل تلك السحب و الغيوم تمر دون أن يكترث بمسيرها أحد.
أتدري الى أين تذهب السحب؟
نعم أدري، إمّا هي ذاهبة الى بيتها أو خارجة منه، كحالنا كلنا.
ما هذا التبغ؟ أهو تبغ أمريكان أم أفغان؟
يقهقه و يقهقه و من قهقهته عرفت الجواب، لا شك أنه ليس تبغ أمريكان.
بعد هنيهة من القهقهة المجنونة، فجأة تختفي الألوان، ما هذا من سرق الألوان؟ أسرقها من الأزهار و الورود و الاشجار أم سرقها من بين الحدق و المآقي تحت الأجفان؟
لا تخف ستعود الألوان، بعد قليل تعود لكن الأهم ان تدرك معاني الأشكال و الألوان.
يا صاحبي ما الذي يُغضب البحر؟
لِمَ؟ أهو غاضب؟
بالطبع غاضب من الشطآن، ألا تراه لا يكف صفعا لوجنات الشاطئ الحزين، مسكينة هي الشطآن.
ربّما هو غاضب لأن الشاطئ يكذب!
أيكذب الشاطئ؟
نعم يكذب ألا تراه يحدث أصدافه صبح مساء؟ إنه يعلّمها الكذب لتحدث كل من يسألها عن غدر الأزمان.
إذن هو إنسان.
من الإنسان؟
الشاطئ.....إنسان.
لا بد أن منتج الافغان فتك في لبك، الشاطئ إنسان؟
نعم، هو يكذب فهو إنسان.
يا صاحبي من قال أن الكذب صفة الإنسان؟
طبعا صفة انسان، أرأيت يوما أحدا لا يكذب؟
يا صاحبي الكذب من الشيطان و ليس الإنسان.
حرت و ربي من هو الإنسان و من هو الشيطان! إذا كان الكذب من الشيطان فكل إنسان يكذب شيطان، و كما أنّني لا أعرف من لا يكذب فكل من أعرف شيطان، أم أن الشيطان إنسان كاذب، أم أن كل كاذب شيطان، أم أن الإنسان شيطان و إنسان في آن؟
انظر تلك الغيمة كم هي سوداء.
كل الغيوم في الليل سوداء.
لا ليس كلها أنظر تلك الغيمة بيضاء.
نعم إنها بيضاء، و تتجه نحونا، و كأنها تلامس الأديم.
نعم و تقترب، اليست تشبه أمك؟
لا بل تشبه أبوك.
نعم تشبهه كثيرا، إنها أبي.
ماذا؟ أبوك غيمة؟ لو أدري ما أعطيتك تلك اللفافة، يا صاحبي ان كنت لا تحتمل لم تتجرأ؟
يا مجنون انها ليست بغيمة إنها أبي، أهرب أهرب.
فارس غرايبة
No comments:
Post a Comment