في قرية نائية، قليلة السكان معزولة عن ما
يحيطها من بقية العالم لبعدها، كان هناك طير يزورها كل حين، و كلّما مر بأهلها ذاك
الطير مات أحد سكانها باليوم التالي دون سبب معلوم أو سابق انذار.
كان ينتاب سكانها كلما شاع خبر مرور ذاك
الطير شعور بالرهبة و التّرقب، و تحضّر للمحتوم، يسارع كثر منهم إلى نفض بعض خطاياه
عن كاهله، و يميل معظمهم إلى التصالح و حسن المعاملة فيما بينهم و ليوم واحد، حتى
بيان الأمر المحتوم و على من منهم وقع الاختيار، و ما أن يحدث المقدّر و ينتشر
النبأ حتى يعودوا إلى سابق عهدهم و بلحظات يتجبر المتجبرون و يعصي العاصون و يتكبر
المتكبرون.
يخالطهم شعور لوهلة ممزوج بالفرح و الأنانية،
شعور بالرّاحة الحقيرة، شعور كل واحد ممن يبقى منهم أنه لم يكن المختار، ذاك الشعور
المريح المبني على مأساة شخص آخر و على أنقاض حياة زهقت.
اجتمع وجهاء و أعيان القرية يتباحثون بأمر
الطير، يتشاورون بالسبيل لقتله للخلاص من شؤمه، أعدوا الخطط و أحكموا التدابير، و
انتخبوا من أشاوسهم ثلة ذوي بأس شديد، عرفوا عنهم الاقدام و القدرة، و أعلموهم بالخطط
و التدابير، إلا أن و من بين الجالسين عجوز طاعن بالسن خبير، أسكتهم بقوله سائلاً:
أهو الطير صاحب الاختيار أم هو مجرد نذير؟ حار الجمع بجواب السؤال الخطير، و باتوا
يعصفهم فكر و سهدوا بين ثنايا الليل الطويل يستجدون جواباً، أهو صاحب الاختيار أم
نذير؟ و عليه انشق الأنام إلى عصبتين، عصبة صاحب الاختيار و عصبة النذير، و ما
زالوا في صراعهم إلى يومنا هذا في جدل مستفيض، لكن الطير بقي يزورهم و في سمائهم
يطير.
دمتم بخير.
No comments:
Post a Comment