Monday 13 May 2013

أهو الطير؟




في قرية نائية، قليلة السكان معزولة عن ما يحيطها من بقية العالم لبعدها، كان هناك طير يزورها كل حين، و كلّما مر بأهلها ذاك الطير مات أحد سكانها باليوم التالي دون سبب معلوم أو سابق انذار.

كان ينتاب سكانها كلما شاع خبر مرور ذاك الطير شعور بالرهبة و التّرقب، و تحضّر للمحتوم، يسارع كثر منهم إلى نفض بعض خطاياه عن كاهله، و يميل معظمهم إلى التصالح و حسن المعاملة فيما بينهم و ليوم واحد، حتى بيان الأمر المحتوم و على من منهم وقع الاختيار، و ما أن يحدث المقدّر و ينتشر النبأ حتى يعودوا إلى سابق عهدهم و بلحظات يتجبر المتجبرون و يعصي العاصون و يتكبر المتكبرون.

يخالطهم شعور لوهلة ممزوج بالفرح و الأنانية، شعور بالرّاحة الحقيرة، شعور كل واحد ممن يبقى منهم أنه لم يكن المختار، ذاك الشعور المريح المبني على مأساة شخص آخر و على أنقاض حياة زهقت.

اجتمع وجهاء و أعيان القرية يتباحثون بأمر الطير، يتشاورون بالسبيل لقتله للخلاص من شؤمه، أعدوا الخطط و أحكموا التدابير، و انتخبوا من أشاوسهم ثلة ذوي بأس شديد، عرفوا عنهم الاقدام و القدرة، و أعلموهم بالخطط و التدابير، إلا أن و من بين الجالسين عجوز طاعن بالسن خبير، أسكتهم بقوله سائلاً: أهو الطير صاحب الاختيار أم هو مجرد نذير؟ حار الجمع بجواب السؤال الخطير، و باتوا يعصفهم فكر و سهدوا بين ثنايا الليل الطويل يستجدون جواباً، أهو صاحب الاختيار أم نذير؟ و عليه انشق الأنام إلى عصبتين، عصبة صاحب الاختيار و عصبة النذير، و ما زالوا في صراعهم إلى يومنا هذا في جدل مستفيض، لكن الطير بقي يزورهم و في سمائهم يطير.

دمتم بخير.

No comments: