ما الذي حل بنا؟ هل تملّكَنا الشيطان أم نحن من دعاه لتملُّكنا؟ هل وَهِنّا حتى أصبحت عقولنا لقمة سائغة سهلة؟ أم انه فعلا يأتي بألف لبوس و لبوس؟
تركب سيارة أجرة، يكون المذياع على محطة تبث الأدعية و المواعظ، و بعد لحظات يباغتك السائق بهمزة و لمزة عن فتاة تسير على الرصيف، لا ادري هل هو ما سمع شيء مما كان يصدح به المذياع، أم لم يفهمه، أم أنها صرعة هذا الزمن و أصبحت مجرد زينة شكلية يتمنطقها كل من يشاء؟
نسير بالطرق و كأننا بحرب ضروس نزاحم حتى أنفسنا، نشك بكل ما حولنا حتى شككنا بغاية الابتسامة، لا نثق بكل ما حولنا حتى ما عدنا نثق بالطبيعة و الفطرة.
نقتل، نعم نقتل كل ما يخالفنا، نقتل بالدم أو بالكلام أو حتى بالنظرة، و الأدهى من كل هذا و ذاك يأتينا من يبرر هذا عنوة جزافا سرا و علانية.
هل هذا جنون أم مس شياطين؟ أين ذهب المتعقلون؟ أذهبوا ضحية؟ أم خضعوا و استكانوا لهذا الزخم العارم من الجنون؟ أم جمدتهم و سلبت أدمغتهم الشياطين؟
أُمّ تستبح أرواح أبنائها و أب يستبح عذرية ابنته و تعينه أمّها، و أحداث شر يعجز اللسان عن وصفها، تشمئز لتصورها الأبدان، كلها تبدأ حينما نستهين القدح و الذم و القذف، كلها تبدأ حينما نطلق الأحكام عنوة و جزافا، كلها تبدأ حينما ننصب أنفسنا بمنزلة ليس لأي من البشر حتى حق الاقتراب منها بأي زمان.
فارس غرايبة
No comments:
Post a Comment