Monday 28 March 2011

فقعت معي و معصب


      بداية اعتذر عن كل ما سيبدر منّي لاحقا علما أنني لا أعرف ما هو لأني لم أبدأ بعد، إلا و لأنّني معصب و فاقعة معي أتوقع أنني ممكن أزعّل أو أنرفز أحد، فسامحوني مقدما كما اعتذرت مقدما.
      دخلت الحمّام و عادتا تأتيني الأفكار الشيطانيّة هناك، لا أدري هل هو من وحي الرّائحة، أم من جرّاء الشّد العصبي المرافق كون كل طعامنا غير صحّي حسب كل جماعات الطّعام و الغذاء، نظرت فوجدت نفسي احمل معي و بالحمّام هاتفي النقّال، سرحت لوهلة و استدركت مهامّي لكن منظر الهاتف بيدي علق في ذهني، خرجت بعد أن أنهيت متطلّبات نداء الطبيعة، و طفقت أفكّر، لم أُغلق هاتفي النقّال منذ أن بدأت الخدمة "خدمة الهواتف النقّالة مش خدمة العلم" بالعمل في الأردن، لست متأكّد لكن حسب الذّاكرة المتواضعة التي أتمتّع بها، منذ عام 1996 إلا و للأمانة سويعات السّفر بالطائرة التي كنت مكرها على إغلاقه بها لا بطل، و فكّرت ما هو الخبر العظيم الذي انتظره؟ بحياتي ما تفاجأت بشيء علما إن أراد أحد أن يفاجئني استبعد أن يكون ذلك عبر الهاتف، بحياتي لم اربح شيء من جوائز البنوك أو المحال التي نجلس بالساعات نملأ كوبوناتها فلن أتلقّى اتّصال من أيّ منهم، و كذلك إن أرسلت أي من الموظفين لإجراء ما لن يأتني بخبر غير "الشغلة مش ماشية" مش ماشية ليس لأي خلل بها أو نقص بإجراءاتها بس مشان هيك، فاضّطر أن أنبّش في قائمة الواسطات المعدّة مسبقا لتدارك الأمر قبل أن ينصب جام غضب الإجراءات التي لم أفهم أي منها بحياتي محاولا حل الموضوع من هون و هون، و كلّكم فاهمين عليّ و دخيلكم ما حد يعمل حاله عايش على القمر و مش فاهم، و كالعادة الواسطة لا يعاود الاتّصال فأنت كمستوسط "نعم مستوسط مش خطأ مطبعي و مش قصدي مستوطن و خربطت" و الحلقة الأضعف، لزاما عليك إعادة الاتّصال و الاستفسار عن شو صار؟ و تتسلسل الإجابات دائما: من ما رد على التلفون، تلفونه مغلق، باجتماع و بيرجع يحكي، و و و تتسلسل حتى يا أخي حل عنّي، كل هذا التفكير و لم أتجرّأ و أقدم على خطوة إغلاق الهاتف حتى الآن، هل هذا مرض نفسي موصوف؟ علما انه كانت الحالة مستفحلة قبل النقّال عند كل المستوزرين ببلدي، إذ ما تنطلق إشاعة تعديل أو تغيير وزاري إلا و تجدهم كلهم مرابطين بمنازلهم بانتظار الاتصال، لكي لا تفوتهم الفرصة لسبب سخيف كأن يكون خارج البيت، كأن من سيطلبه لن يستطيع "ينبش عليه جدايل القرود الزرق و يجيبه"، علما أن هذه العادة كانت تساهم بالحد من أزمة السير في عمان، اكتشفت أن هذا النقّال مصدر للأخبار السيّئة فقط لا غير، مهلا ليس الهاتف السبب، الأخبار السيّئة هي السبب، حتى بدون هاتف نقّال أو ارضي سيأتيك الخبر السيء أينما و بأي حال كنت، التلفزيون، الراديو، النقّال و الآن أضيف هم جديد الفيس بوك و التويتر، و ببلشولك بعثت له طلب يضيفني و لغاه و كأنه ساب أبوه، و على التويتر لحقته و ما لحقني و هاي شطبته كأنه بلعب زقيطة أون لاين.
      لحظة في موضوع ما فاتني لأنّه هو سبب كل العصبيّة إلّي أنا فيها، موضوع الأذاذرة "الأذاذرة هم جموع الإخوة المؤيّدين، و الإصلاحييّن، و الّي مش مع أي أحد، و الّي مش مع الّي مش مع أي أحد، و الّي مع الأسف، فكل منهم ينتسب إلى يوم من آذار" سؤالي إذا انتهى آذار رح يصير بنيسان نفس الشيء؟ أوّل ما بدأت القصص كنت مع الإصلاح بمنهجيّة واضحة سلميّة منطقيّة صريحة ما بباطنها ظاهر و لا تخفي أي أجندات أو رزنامات أو حتى البومات خفيّة، شوَي شوَي بدأت اعرف أنه هناك مصالح و تجييرات خفيّة، و الاعتصام صار على دوّار الداخليّة و الكالوتي و مسجد الجامعة، بصراحة ما فهمت شيء، عاملين فروع يعني؟ و الا مسكرين النقّالات أو ما بتردوا على اتصالات بعض؟ رجعنا أنه النقّال ما لازم ينغلق، لكن لمّا صار ما صار من هجوم على الدوّار، و أنا من الناس الذي يفكر دائما بالمؤامرة تعاطفت مع الشباب الدوّارجية، رغم أنّهم على ما كانوا عليه من أسباب أثارت شكوكي، إلا أنّني تعاطفت معهم علما أنني حين مشاهدة أي مباراة مثلا أميل بالنّهاية إلى الفريق الأضعف و الأقل حظّا، و بعد هدوء غبار المعارك و الغزوات و الغارات بدأت أقرأ و أسمع و أشاهد أشياء زادت من حيرتي، مشاهد مصورة لأهداف خفيّة أبرَزَها ضغط المعركة، و مشاهدة جموع من حرروا القدس يحتفلون بنصرهم المبين، و مشاهد من يشتم و مشاهد لمن يريد أن يَخلَع و يُغيّر و يقلِب، و آخر كلّما حدثته يصرخ إلّي مش عاجبته البلد يتركها، يا حبيبي لو السفارات تهوّن موضوع الفيز رح يكون في كل مدينة بالعالم اردن تاون بجانب كل شاينا تاون، لم اعد حائرا بل أصبحت تائه كمن لاث لبه مس من جان، و بعد كل التّيه الذي أنا به تخرج مجموعة جديدة ليست مع أي من الجهتين على افتراض أن هناك جهتين تختلفان بالهدف، و الذي استغربه أن كل الجهات تنادي بالإصلاح و رفش الفاسدين و لعن أساس المفسدين، و الا كله حكي جرايد؟ و ما خفي أعظم؟ طبعا في ناس كثر يذكّرونني بتكسي ركبتها مرة، كان أمام السّائق لعبة مرتبطة بجسمها بزمبرك، فكانت كلّما اهتزّت المركبة بدأ رأس اللّعبة بالاهتزاز، طبعا و أخذا بعين الاعتبار عدد المطبّات المهول فيمكنكم تخيّل حجم الاهتزازات الرأسيّة للّعبة، هؤلاء الناس يذكّرونني بهذه اللّعبة يهزّون رؤوسهم كأنّهم فاهمين كل شيء و أكثر إلا أن اللّعبة تلك فاهمة للمواضيع أكثر منهم، و في كل جلسة حديث هناك لاعب دور الفهمان المقدّر للظروف، هذا النوع دائما يتّهمني بأنّني لا أتحدث إلا بالمساوئ، طبعا لأنني أفترض أن من الطبيعي أن تكون الأحوال و الأمور جيدة و حسنة، و العادة أن لا نتحدث عن ما هو طبيعي، و أقول حينما تسير بمركبتك ضمن السّرعة القانونية هل يخرج عليك الشرطي ليوقفك ليهنئك على التزامك؟ طبعا لا و هو الطبيعي، و أقول لكم إخواني كما قال مالك بن زيد مناة لأخيه سعد "ما هكذا تورّد الإبل".
      على أيّ حال أنا زي كثير من الناس، تعبان و مرهق و معصّب و منرفز و بهاوش ذبّان وجهي و قلبي من الحامض لاوي و مش ناقصه وجع راس و ذايق الدفلا، الدفلا نبتة شجرية تكثر عند مجاري الماء، جميلة زهرها وردي أو زهري أو بمبي، اختر ما تشاء بما أننا بزمن تعدّد الخيارات، و طَلع زهر الدفلا سام و بموسمه يلوّث الماء و يسممها، لذلك يا بتفهمونا النّوايا بصدق و الّي صاير و إلا زي الدفلا بنسمم كل الميّه، هذا على افتراض أنكم انتم الاذاذرة ما زلتم فاهمين و مسيطرين على المواضيع، و إذا مش فاهمين مثلنا ففاقد الشيء لا يعطيه، و على سيرة فاقد الشيء لا يعطيه، طلب مني مقدّر ضريبة مرة أن أثبت له أن أحد المستأجرين لم يدفع الإيجار، عفوا كنت أحاول تهدئة نفسي فقفز لذاكرتي مقدّر الضريبة، آسف لا تحتوي ذاكرتي ألطف من ذاك.
      أطلت عليكم اكرر اعتذاري الذي بدأت به و أرجو أن يسامحني كل من فهمني و أغضبته أو لم يفهمني و ملّلته في زمن الملل البهيم، عذرا بهيم هنا نسبة لشدّة السواد و ليس الحيوان .... و دمتم.


فارس غرايبة

No comments: