Thursday, 25 November 2010

كم كان جميل ذاك الزمان


      و هكذا ينقضي يوم تختزنه الذاكرة، نبتعد عن البراءة يوم، و نقترب من الموت يوم، بالأمس كان هذا الصوت الجميل للموسيقى الذي يصدر عن مركبة، لكن ليست كهذه المركبة التي تبيع اسطوانات الغاز، بل مركبة تبيع المثلجات اللذيذة، بألوانها الزاهية، و بأسعارها التي ندر من يعجز عن إسعاد ولده بشرائها ببضع قروش، أين ذهبت تلك النغمات السعيدة؟ هل خنقتها زحمة الزمان أم لم نعد نراها من وراء الدخان؟
      سئمت الأيام من الزحام، بسيطة تلك الأيام، مليئة بالضحكات و قلة الأرقام، كان الهاتف بالدكان و في بيت أو اثنين، أما اليوم فالطفل يحمل هاتف أو هاتفين، و لزيادة الهم مرتين أصبح يظهر رقم المتصل حتى بعد أن تنام، حتى إن أغلقته يبعث لك رسالة تنبهك باتصال فلان و فلان، مكتظة هذه الأيام.
      كان للشتاء أصوات و أنغام، و ذاك المزراب المعدني الصدئ يعزف أجمل الألحان، نبات الليل ندعو المنان أن نصبح على يوم ابيض لكي لا نذهب إلى المدرسة فبالغد امتحان، كم اشتقت لتلك الألحان التي خنقتها النوافذ الحديثة المعزولة بإحكام، و كأنما غضبت تلك الألحان فما من مستمع أو طربان فما عاد المطر يفرحنا لا بنزوله ولا بأي نغمات أو الحان.
      كم كان جميل ذاك الزمان، كنا نسير في أي مكان بأمان، أما اليوم فأخاف على نفسي و ولدي من أي إنسان، فياليت نعيد النظر بكلمة إنسان فما من أُنس بعد مثلما كان.

فارس غرايبة

No comments: