لفت نظري عبارة مطبوعة على فاتورة المياه تقول (قيمة الدعم الحكومي على فاتورتك الحالية ؟؟؟ دينار)، فلمعت بالذاكرة لمحات عن كم تحملت من جمل المنة و تحميل الجمايل، منذ الطفولة حتى اليوم و إن شاء الله ليس لغد، مع استبعادي لكل تحسن بهذا الزمن.
هاي نزلتك على باب البيت، جميلة فيصل سائق الحافلة عائد من المدرسة، و كأن المفروض أن ينزلني أول الشارع و أكمل سيرا.
يالله هاي زيادة، جميلة أبو سهيل صاحب البقالة عندما يوزن أي شيء، و كأني طلبت منه أو أنني لن أدفع الثمن.
طيب ماشي هالمرة مش رح أضربك أربع عصي على ظهر يدك، جميلة الأستاذ في الصف كوني لم اعرف الإجابة عن سؤال، الذي من واجبه أن يعرفني هو إجابتها، و عدم إجابتي فشله و ليس فشل أي طالب.
ادخل ادخل مش مشكلة، جميلة دكتور الجامعة إذا ما وصلت المحاضرة متأخرا، لكن إن غاب الدكتور عن المحاضرة الوحيدة في ذاك اليوم فلا بأس، من أنت؟ أنت مجرد من يستجدي نفحة من علمه النادر، الذي بعد فترة نكتشف أن شهادة ذاك الدكتور مزورة.
قرر مجلس العمداء منح فلان ابن علنتان درجة البكالوريوس، جميلة الجامعة قاطبة، "منحة" و كأني لم أدرس و لم أحضر المحاضرات أو أني لم أدفع الأقساط كاملة، و أبرأت ذمتي ماليا و علميا، و ماليا و مختبرات، و ماليا و مكتبة، و ماليا و جمعية، و ماليا و العباسية و و و.
المرة هاي مشان زيد و عبيد من أقاربك ما رح أخالفك، جميلة شرطي الدوريات الخارجية الذي يوقفك على الأقل خمس مرات على أي طريق يربط بين أي مدينتين في الأردن، و كأني مجرم فار من وجه العدالة، أو أنه واضع القانون أو صاحبه يستعمله متى يشاء و يمنح العفو متى شاء.
مشان الحجة ماشي هالمرة، جميلة شرطي السير إذا ما أوقفك و لم يجد أي مخالفة، و كأنه كما هو حال زميله شرطي الدوريات الخارجية.
دعم الأعلاف، دعم المحروقات، دعم الخبز، دعم الأقل حظا، فاتورة النفط، و و و. كأني احتاج الأعلاف، أو أن حتى الأغنام التي تستهلك هذه الأعلاف و دعمها سعرها ينافس بأي طريقة بدعم أو بدونه، أو أني أدفع ثمن أقل للمحروقات التي أستهلكها مما يدفعه ثمنا لها أي مستهلك غير مدعوم كالأمريكي أو البريطاني مثلا، دون ذكر لفرق جودة المحروقات، أما دعم الخبز فلست أنا أو أي من الأردنيين خارج الحكومة من سيتضرر إذا ما رفع دعم الخبز، أنا لست مسئول عن توزيع الحظ حتى أتحمل جميلة من يدعم الأقل حظا على زعمه، و إذا النفط و فاتورته أرهقت الحكومة كما تدعي، يا عمي افتح و عوم و حرر سوق النفط و مشتقاته، بالتأكيد إذا ما انخفض سعره سيتحسن نوعه.
متى دوري أنا في تحميل الجمايل؟ أنا دافع ضريبة الدخل، ضريبة المبيعات، ضريبة المسقفات، ضريبة المعارف، ضريبة المجاري أي "الخ**"، الضريبة الإضافية، جامعات، فلس الريف، رسم التلفزيون، رسم النفايات، ضريبة مقطوعة، رسوم أخرى، ضريبة عقد إيجار "صدر حديثا"، رسوم تسجيل، رسوم إفراز، رسوم نقل ملكية، عوائد تنظيم، تحسين أرصفة و شوارع، و و و ∞.
لا أريد أن أحمل جمايل، كل ما أريده أن يُحترم ذكائي، أن لا اضطر لواسطة لموظف ليبتسم و يقوم بعمله دون تحميل جمايل، أن يعاملني الموظف دون أن يفترض بداية أنني كاذب في كل ما أقول و أقدم.
جابي الماء الذي طلب رشوة ليتلاعب بالعداد و حينما رفضت لم أجد عداد الماء، و اضطررت لإجراء معاملة كاملة برسوم كاملة و لا أدري أين ذهب بند "تأمينات" سابق الدفع، من جديد بصمت و هدوء خوفا من زملائه و لحاجتي لعداد الماء، و طوال الوقت و أنا أخوض غمار حرب العداد أفكر أليست هذه شركة مخصخصة أي خاصة؟ أليس الذي بيننا عقد؟ أليست كل الشركات إذا ما أرادت بيع خدماتها تقدم من طرفها كل ما يلزم لإيصال الخدمة؟ ذاك الجابي بقي و ذهب العداد و بت ألوم نفسي على رفضي رشوته.
محول الكهرباء، لا يوجد في شارع عبد الله غوشة أي نقطة للاتصال بشبكة الكهرباء إلا أن أضع محول كهرباء و دفع ثمنه المخفض و مدعم بالجمايل، الذي لا مكان له إلا في المواقف المخصصة للمركبات، فاستأجرت شركة الكهرباء مني مساحة ثلاث محولات، طبعا لحاجتي للكهرباء كان بدل الإيجار دينار واحد سنويا نعم دينار واحد و نعم سنويا، و الأدهى و الأمر أن أمانة عمان غرمتني رسوم نقص ذاك الموقف الذي به المحول المغذي لاحقا لنصف شارع عبد الله غوشة، و كذلك عدت أفكر أليست هذه أيضا شركة، و ما بيننا عقد؟ و حسب قانون المؤجرين و المستأجرين الجديد يمكنني إنهاء عقد الإيجار مع شركة الكهرباء، و مطالبتها بإزالة المحولات، و إعادة الوضع إلى ما كان عليه، السؤال ماذا سيحدث بمطعم شهير بذاك الشارع، لا أدري لربما أُحرم من الكهرباء مدى الحياة و تبقى المحولات بمكانها دون دفع الدينار و أُغرّم بقرار محكمة.
الحديث يطول و لا ينتهي، كما أنني أكيد أن لكل منكم قصص و حكايات كتلك، لكن إذا ما تغير التعامل و أصبح ينطلق من مبدأ أنني صادق، و ما أطلب حق، و بنفس الوقت القيام بالعمل الموكل أي شخص به واجب و ليس فضل، إذا ما تغيرنا و تحولنا بالتعامل من منطق اضطرارك لما أقدم و لا بديل عني، و وصولنا إلى أن نقدم لأن الواجب أن لا أتركك تضطر، لن نتحسن أو نتقدم لا بل سنتراجع و نتراجع كما هو حالنا.
فارس غرايبة
1 comment:
أصبح من يقوم بعمله في دولنا متفضل من حقه تحميل الجمايل!! شكرا لك على التدوينة الجميلة.
Post a Comment