Wednesday, 30 March 2011

رغم الأمبليه كانوا يبتسمون


      في خضمّ هذا الفيض الجّارف من أعاصير التصنّع السّاذج، و ابتذال الوطنيّة و الانتماء، إستَعصفت ذاكرتي قصّة عن شخص قريب منّي أشدّ القُرب ما مِن اقرب لي منه دما، كان تلك الأيّام ضابط شرطة في جرش، تلك الأيّام كانت سنة سبعين من القرن المنصرم، و معظمنا سمع عن ما حدث تلك الآونة خصوصا في جرش، حينما اقترب موعد الحل من انتقال الطّرف الآخر و ترتيبات خروجه، حدث أن أحد أعضاء الطّرف الآخر تواصل مع ذاك الضّابط موصيا إيّاه ببقيّة أسرته، من زوجة و أطفال الموجودة آن ذاك في عمّان و مدى خوفه عليهم، طمأنه الضّابط واعدا إيّاه بالتّصرف دون أن يُقسم بإله عظيم أو شرف مصون، صرّح ذاك الرجل للضّابط بكلمة إشارة، كان اتّفق عليها مع زوجته أن من ينطق بها أهل ثقة و عليها طاعته، و بعد أيّام من رحيل من كانوا بالجبال إلى الحدود السوريّة، ذهب ذاك الضّابط بلباسه العسكري إلى مكان أسرة الرجل ذاك ناطقا لزوجته بالكلمة الإشارة، و اخذ الزّوجة و الأولاد مجازفا بكل شيء نعم كل شيء، و نقلهم إلى الحدود و أمّن خروجهم، و بعد أن مرّ الزّمان و أصبح هناك سلطة فلسطينيّة، إذ صار الرجل مديرا لشيء ما هناك في السّلطة بفلسطين، و أصبح بالإمكان دخول الأردن، فما كان منه إلا أن سعى للتّواصل مع ذاك الضّابط، لم نسمع تلك القصّة من الضّابط القريب بل من ذاك الرجل الآتي من فلسطين، لم يذكرها لنا القريب يوما لم يجاهر بها أبدا، ليس خوفا من شيء فنحن أقرب من أن نُفشي سرّا إلا أنها المروءة التي تمانع صاحبها التبجّح و التّفاخر، نعم كانا مختلفان كل الاختلاف بالمبادئ و الأفكار، لكن جمعهما شرف العسكري، ذاك الضّابط الآن في دار الحق رحمه الله، و الآخر حيّ يرزق أمدّ الله في عمره، بعضكم سيعرف من أقصد رحمنا الله جميعا.
      إخواني، أريد أن أشير إلى بعض ما استخوفكم الآخرون منه، و روّجوا لأن تؤول الأمور لغيركم، بالوزارة السابقة "وزارة سمير الرفاعي" كان كل رؤساء السّلطات الثّلاث التنفيذيّة و التشريعيّة بشق الأعيان منها و القضائيّة من أصول ليست شرق أردنية، و لم يختلف الوضع عن ما كان عليه في الأيام التي كانت به رئاسة السّلطات غير ذاك، قصدي من القول شقّين، الأول أن الأردني شرقيّا، غربيّا، أيّا أصله كان لا يضيره ذلك إن استصدق نفسه، و الشق الثاني أن الأردني لم يكن يوما عنصريّا إلا أنّ لعنة الله على شياطين الإنس و الجن، و لا يجوز أن نحكم على خلق الله حسب أصولهم أو أسمائهم أو حتى أشكالهم بل حسب أفعالهم أفرادا.
      تعاود الذّاكرة و تطفو أمامي قصّة حدثني بها صديق مصري، هذا الصديق من الضبّاط الذين شاركوا بحرب اليمن، عفوا لا تظنوا أنني بذاك العمر فهو صديقي رغم فارق السّن كما أنّني أصادق ابني، كان ذاك الصّديق قائد قطاع في الجّيش المصري، و كانوا مُرابطون في موقع يحاربون ضدّ أتباع الإمام، حسب وصفه كانت المنطقة شديدة الوعورة و كان هناك احد أتباع الإمام قنّاص ماهر، يباغتهم كل ليلة فيقنص من العسكر كل مَن بدا له، و في النّهار يختفي و لا يظهر له أثر، و كان من الحرص أن يختفي كلّما شعر بأي خطر و يلوذ بجنح الظّلام، فأعلن الضّابط صديقي أنّه سيمنح مكافأة لمَن يخلّصهم من ذاك القنّاص، فأعلن أحد الموجودين وهو شاب من اليمنيين الملتحقين بالقوّات المصرية عن استعداده للقيام بالمهمّة، فما كان من صديقي إلا أن أكّد عليه مستفسرا عن قدرته، إلا أن ذاك الشّاب اليمني أصرّ و أكّد على قدرته، فما هي إلا أيّام و ما عاد لذاك القنّاص وجود، و أتى ذاك الشّاب مطالبا بالمكافأة، أصرّ صديقي الضّابط عليه أن يعرف الطّريقة التي تمكّن من خلالها الوصول إلى ذاك القنّاص، فما كان من ذاك الشّاب إلا أن أجاب "إن ذاك القنّاص أبوه"، إقشعرّ بدن صديقي لمّا سمع ردّ ذاك الشّاب، و في اليوم التّالي، كانت المدفعيّة أمام مهمّة قصف لمواقع أنصار الإمام، فما كان من صديقي إلا أن أعطى آمر المدفعيّة إحداثيّات موقع تمركز ذاك الشّاب، فالتفت آمر المدفعيّة يعلمه أن الهدف صديق، فاخبره قائلا بلهجته المصريّة " اضربه ده باع أبوه بكم ارش حيبيعك ببلاش اضرب" فكانت نهاية ذاك الشّاب، ذكرت هذه القصّة تأكيدا على أن الحكم على النّاس بجريرة بعضهم حتى مَن مِن صُلبهم خطأ أحيانا.
      إخواني، رحم الله أجيال الأيّام الصّعبة، أيّام الأمبليه، الأمبليه لا أعرف أصل الكلمة لكن للتوضيح هي عملية الدّوس مرّتين على "الكلتش" بين كل تبديل للسّرعة و بين كل سرعة و أخرى، رغم الأمبليه كانوا يبتسمون.


فارس غرايبة



Monday, 28 March 2011

فقعت معي و معصب


      بداية اعتذر عن كل ما سيبدر منّي لاحقا علما أنني لا أعرف ما هو لأني لم أبدأ بعد، إلا و لأنّني معصب و فاقعة معي أتوقع أنني ممكن أزعّل أو أنرفز أحد، فسامحوني مقدما كما اعتذرت مقدما.
      دخلت الحمّام و عادتا تأتيني الأفكار الشيطانيّة هناك، لا أدري هل هو من وحي الرّائحة، أم من جرّاء الشّد العصبي المرافق كون كل طعامنا غير صحّي حسب كل جماعات الطّعام و الغذاء، نظرت فوجدت نفسي احمل معي و بالحمّام هاتفي النقّال، سرحت لوهلة و استدركت مهامّي لكن منظر الهاتف بيدي علق في ذهني، خرجت بعد أن أنهيت متطلّبات نداء الطبيعة، و طفقت أفكّر، لم أُغلق هاتفي النقّال منذ أن بدأت الخدمة "خدمة الهواتف النقّالة مش خدمة العلم" بالعمل في الأردن، لست متأكّد لكن حسب الذّاكرة المتواضعة التي أتمتّع بها، منذ عام 1996 إلا و للأمانة سويعات السّفر بالطائرة التي كنت مكرها على إغلاقه بها لا بطل، و فكّرت ما هو الخبر العظيم الذي انتظره؟ بحياتي ما تفاجأت بشيء علما إن أراد أحد أن يفاجئني استبعد أن يكون ذلك عبر الهاتف، بحياتي لم اربح شيء من جوائز البنوك أو المحال التي نجلس بالساعات نملأ كوبوناتها فلن أتلقّى اتّصال من أيّ منهم، و كذلك إن أرسلت أي من الموظفين لإجراء ما لن يأتني بخبر غير "الشغلة مش ماشية" مش ماشية ليس لأي خلل بها أو نقص بإجراءاتها بس مشان هيك، فاضّطر أن أنبّش في قائمة الواسطات المعدّة مسبقا لتدارك الأمر قبل أن ينصب جام غضب الإجراءات التي لم أفهم أي منها بحياتي محاولا حل الموضوع من هون و هون، و كلّكم فاهمين عليّ و دخيلكم ما حد يعمل حاله عايش على القمر و مش فاهم، و كالعادة الواسطة لا يعاود الاتّصال فأنت كمستوسط "نعم مستوسط مش خطأ مطبعي و مش قصدي مستوطن و خربطت" و الحلقة الأضعف، لزاما عليك إعادة الاتّصال و الاستفسار عن شو صار؟ و تتسلسل الإجابات دائما: من ما رد على التلفون، تلفونه مغلق، باجتماع و بيرجع يحكي، و و و تتسلسل حتى يا أخي حل عنّي، كل هذا التفكير و لم أتجرّأ و أقدم على خطوة إغلاق الهاتف حتى الآن، هل هذا مرض نفسي موصوف؟ علما انه كانت الحالة مستفحلة قبل النقّال عند كل المستوزرين ببلدي، إذ ما تنطلق إشاعة تعديل أو تغيير وزاري إلا و تجدهم كلهم مرابطين بمنازلهم بانتظار الاتصال، لكي لا تفوتهم الفرصة لسبب سخيف كأن يكون خارج البيت، كأن من سيطلبه لن يستطيع "ينبش عليه جدايل القرود الزرق و يجيبه"، علما أن هذه العادة كانت تساهم بالحد من أزمة السير في عمان، اكتشفت أن هذا النقّال مصدر للأخبار السيّئة فقط لا غير، مهلا ليس الهاتف السبب، الأخبار السيّئة هي السبب، حتى بدون هاتف نقّال أو ارضي سيأتيك الخبر السيء أينما و بأي حال كنت، التلفزيون، الراديو، النقّال و الآن أضيف هم جديد الفيس بوك و التويتر، و ببلشولك بعثت له طلب يضيفني و لغاه و كأنه ساب أبوه، و على التويتر لحقته و ما لحقني و هاي شطبته كأنه بلعب زقيطة أون لاين.
      لحظة في موضوع ما فاتني لأنّه هو سبب كل العصبيّة إلّي أنا فيها، موضوع الأذاذرة "الأذاذرة هم جموع الإخوة المؤيّدين، و الإصلاحييّن، و الّي مش مع أي أحد، و الّي مش مع الّي مش مع أي أحد، و الّي مع الأسف، فكل منهم ينتسب إلى يوم من آذار" سؤالي إذا انتهى آذار رح يصير بنيسان نفس الشيء؟ أوّل ما بدأت القصص كنت مع الإصلاح بمنهجيّة واضحة سلميّة منطقيّة صريحة ما بباطنها ظاهر و لا تخفي أي أجندات أو رزنامات أو حتى البومات خفيّة، شوَي شوَي بدأت اعرف أنه هناك مصالح و تجييرات خفيّة، و الاعتصام صار على دوّار الداخليّة و الكالوتي و مسجد الجامعة، بصراحة ما فهمت شيء، عاملين فروع يعني؟ و الا مسكرين النقّالات أو ما بتردوا على اتصالات بعض؟ رجعنا أنه النقّال ما لازم ينغلق، لكن لمّا صار ما صار من هجوم على الدوّار، و أنا من الناس الذي يفكر دائما بالمؤامرة تعاطفت مع الشباب الدوّارجية، رغم أنّهم على ما كانوا عليه من أسباب أثارت شكوكي، إلا أنّني تعاطفت معهم علما أنني حين مشاهدة أي مباراة مثلا أميل بالنّهاية إلى الفريق الأضعف و الأقل حظّا، و بعد هدوء غبار المعارك و الغزوات و الغارات بدأت أقرأ و أسمع و أشاهد أشياء زادت من حيرتي، مشاهد مصورة لأهداف خفيّة أبرَزَها ضغط المعركة، و مشاهدة جموع من حرروا القدس يحتفلون بنصرهم المبين، و مشاهد من يشتم و مشاهد لمن يريد أن يَخلَع و يُغيّر و يقلِب، و آخر كلّما حدثته يصرخ إلّي مش عاجبته البلد يتركها، يا حبيبي لو السفارات تهوّن موضوع الفيز رح يكون في كل مدينة بالعالم اردن تاون بجانب كل شاينا تاون، لم اعد حائرا بل أصبحت تائه كمن لاث لبه مس من جان، و بعد كل التّيه الذي أنا به تخرج مجموعة جديدة ليست مع أي من الجهتين على افتراض أن هناك جهتين تختلفان بالهدف، و الذي استغربه أن كل الجهات تنادي بالإصلاح و رفش الفاسدين و لعن أساس المفسدين، و الا كله حكي جرايد؟ و ما خفي أعظم؟ طبعا في ناس كثر يذكّرونني بتكسي ركبتها مرة، كان أمام السّائق لعبة مرتبطة بجسمها بزمبرك، فكانت كلّما اهتزّت المركبة بدأ رأس اللّعبة بالاهتزاز، طبعا و أخذا بعين الاعتبار عدد المطبّات المهول فيمكنكم تخيّل حجم الاهتزازات الرأسيّة للّعبة، هؤلاء الناس يذكّرونني بهذه اللّعبة يهزّون رؤوسهم كأنّهم فاهمين كل شيء و أكثر إلا أن اللّعبة تلك فاهمة للمواضيع أكثر منهم، و في كل جلسة حديث هناك لاعب دور الفهمان المقدّر للظروف، هذا النوع دائما يتّهمني بأنّني لا أتحدث إلا بالمساوئ، طبعا لأنني أفترض أن من الطبيعي أن تكون الأحوال و الأمور جيدة و حسنة، و العادة أن لا نتحدث عن ما هو طبيعي، و أقول حينما تسير بمركبتك ضمن السّرعة القانونية هل يخرج عليك الشرطي ليوقفك ليهنئك على التزامك؟ طبعا لا و هو الطبيعي، و أقول لكم إخواني كما قال مالك بن زيد مناة لأخيه سعد "ما هكذا تورّد الإبل".
      على أيّ حال أنا زي كثير من الناس، تعبان و مرهق و معصّب و منرفز و بهاوش ذبّان وجهي و قلبي من الحامض لاوي و مش ناقصه وجع راس و ذايق الدفلا، الدفلا نبتة شجرية تكثر عند مجاري الماء، جميلة زهرها وردي أو زهري أو بمبي، اختر ما تشاء بما أننا بزمن تعدّد الخيارات، و طَلع زهر الدفلا سام و بموسمه يلوّث الماء و يسممها، لذلك يا بتفهمونا النّوايا بصدق و الّي صاير و إلا زي الدفلا بنسمم كل الميّه، هذا على افتراض أنكم انتم الاذاذرة ما زلتم فاهمين و مسيطرين على المواضيع، و إذا مش فاهمين مثلنا ففاقد الشيء لا يعطيه، و على سيرة فاقد الشيء لا يعطيه، طلب مني مقدّر ضريبة مرة أن أثبت له أن أحد المستأجرين لم يدفع الإيجار، عفوا كنت أحاول تهدئة نفسي فقفز لذاكرتي مقدّر الضريبة، آسف لا تحتوي ذاكرتي ألطف من ذاك.
      أطلت عليكم اكرر اعتذاري الذي بدأت به و أرجو أن يسامحني كل من فهمني و أغضبته أو لم يفهمني و ملّلته في زمن الملل البهيم، عذرا بهيم هنا نسبة لشدّة السواد و ليس الحيوان .... و دمتم.


فارس غرايبة

Sunday, 27 March 2011

غد وطني يخيفني


      بالأمس لم أنم، ليس لمرض الحمد لله و لا لسقم، لكن بالأمس كما قلت في الثالث عشر من كانون الثاني من هذا العام وطني يؤلمني، و بالأمس أرّقني.
      نعم لفت نظري كل ما حدث و يحدث منذ مدّة في بلدي، نعم آلمني ما حدث و يحدث، لكن أشد ما لفت نظري و آلمني انعكس أرقا و خوفا، ليس خوف على نفسي بل خوف على الغد، غد بلدي و غد ولدك و ولدي، و هو ذاك الكم من الحقد الدّفين، آسف أن أرى ذاك الكم من الحقد و البُغض الذي عند أول لن أقول امتحان لأنه لم يكن بل هو أقل بكثير من امتحان، انه تحرك بسيط و ضع كل أجزاء مجتمعنا أمام هزة صغيرة ضعيفة، فتمخّض عنها بروز لهذا الكم المهول من الأحقاد و مظاهر الفرقة و التشتّت.
      هناك خلل، ليس الموضوع مرتبط بجزئية أو فئة صغيرة بسيطة لا، أرجوكم أن لا نكذب على أنفسنا، كمن يشعر بالصّداع و يرفض مراجعة الطبيب ليموت بعد فترة قصيرة بالسّرطان، إنها مشكلة و كبيرة، و كأن هناك من يرعاها ينمّيها و يجتهد بإذكائها، لست مختص اجتماعي لكن هناك خلل اجتماعي تربوي حقدوي، رأيت بالأيّام القليلة الماضية كل أنواع و تصانيف التمييز بشتى أشكالها و درجاتها، ناهيك عن الأمراض النفسية التي طفت على السّطح عند غياب و لو بسيط جزئي للمهدءات و المسكنات و الضوابط، رأيت رُهاب مزمن مستشري من كل شيء.
      لم اعد اقتنع أن ما يعثّر نماء وطني الفساد و المفسدين فحسب، لا بل بت على شبه قناعة أن ملح العنصرية، الأحقاد، البغض، التمييز و الكراهيّة هو ما يحرق ارض وطني فباتت أرضا عقيمة لا تنتج إلا الحسد و الرماد.
      نعم كان وطني يؤلمني لكنّه الآن يؤلمني يؤرّقني و للأسف غده يخيفني.

فارس غرايبة


Saturday, 26 March 2011

يا من اتخذتم من الزيتونة وطنا


      مباركة من الباري، لست شرقيّة و لا غربيّة، فروعي تظلّ كل من استفيَأ تحتي، أُعطيه من ثمري يعصره زيتا يكاد يضيء، ما أسقطّت خريفا أوراقي لأُبـقي الظل لكل مَن تحتي، جذوري ممتدّة راسخة شقّت الصخر و تشبّثت، لا و لن يقتلعها أحد.
      لكن يا ولدي لا تكسّر أي من أغصاني كي تضرب بها من أبنائي أحد، و إن تطاول أحدكم يخال هامته تطاول فروعي، أغصان فروعي لرأسه ستقرع. كلكم أبنائي تحت ظلّي، سأموت إن أخذتم أغصاني عصيا لحرب الغباء، لن أموت لتكسّري بل كمدا بكاءا على حالكم و حالي دون كل زيتونات الحقل.

فارس غرايبة

Monday, 21 March 2011

أمك ثم أمك


      ما من كلام يفي حق الأم وصفا، هنا يعجز اللسان نطقا، و تخشع الأحرف بالكلمات إجلالا، لا أذكر من طفولتي شيئا، لأن للذكريات بالآلام ارتباط، فلا آلام كانت لأن ملاكا كان دائما بي يحيط، يحارب لأجلي و يلتفت إليّ مبتسما، فما شعرت بذاك إلّا بعد أن رزقني ربي أولادا، فعلمت أن لو سارت على زفرات روحي أمي ما أوفيتها حقا.
      أرجوك أن تسمحي لي أن أنحني سموا و أقبل يديك، لا تحرميني برضاك من ربي قربا.
فارس غرايبة  

Wednesday, 16 March 2011

كلام الدمع


      ارتعشت على الوجه قطرة، حائرة هي ترتجف بين ثنايا ذاك الوجه المليء بتجاعيد الأيام، دمعة؟ تبعت صرخة؟ لا لم يبق بين الجّفون رمق، حتى الأنفاس جفّت، و الكلمات من الحناجر ملّت، و التنهيدات من الصدر نفِذَت، و العيون بالسهر أرقت، جفل الوجه من مداعبة القطرة لبعض شُعَيرات نَمَت بعد نسيان، فانسلّت قشعريرة لباقي الجسد الهزيل الواهن، جسد تَعِب لا يريحه مجلس، و الفراش يلفّه ألم اللّيل الطويل، ما عاد حديث يلهيه، و لا كتاب يسلّيه، حتى الأفكار ما عادت تجدي، يحدّث مَن حوله وكأنه يتلفّظ بطلاسم شيطانيّة و ما من مصغ، وحيد بدوّامات الخواطر تائه، يغوص بين لفائف الأفكار، يختنق يغرق، أأحد هناك؟ يصرخ، ما من مُجيب، لا شك أنّه هنا غريب، لأن مِن الإشارة يفهم اللّبيب، و يلوّح بيديه مستنجدا مستعطفا، ما من فاهم لإيماءاتك العجيبة، أترقُص ما بك تتحرّك بشكل غريب؟ انتفض و بعزم و بأس من الاختناق خرج، و بصوت أجش من حنجرة جرّحتها الكلمات بدموع نطق، و بنظرات مضرّجة بالآلام عبّر، فترَقرَق دمع على وجنتيه انهمر صارخا ما بكم أيّه البشر أصبحتم كالحجر؟ 

فارس غرايبة

Tuesday, 15 March 2011

ميليشيات عمّان.... إلى متى؟


      كم أزعجني هذا الموضوع، أسميهم ميليشيا للتشابه الكبير بينهم و بين الميليشيات عموما، أنهم قوات السيخ أو الأنتين، يتمركزون غالبا عند مداخل الفنادق ليس أي فندق بل الفنادق خماسية النجوم، و التي مسمياتها متأمركة، اليوم مررت عند فندق الفصول الأربعة، و أصررت على عدم فتح صندوق المركبة، فألح عنصر الميليشيا انه ممنوع، سألته بسلطة أي قانون، فأجاب أن الكاميرات تصور كل شيء، فأعلمته بمعرفتي القانونية المتواضعة بأنه ليس ضابط عدلية و أوضحت المعنى ببساطة انه ليس من الشرطة فلا صلاحية له لتفتيش أي شيء، فرد بأن الكاميرات تصور كل شيء، سألته ماذا لو وجدت شيء و اتهمتك انك من وضع هذا الشيء في الصندوق؟ فأجاب أن كل شيء مصور بالكاميرا، لوهلة اعتقدت انه آلي مبرمج أو أنه من طائفة جديدة تقدس الكاميرات، و شعرت بسخف شديد لنقاشي معه، فاعتذرت و لم أمُر من ذاك الشارع المغلق بقواطع إسمنتية و خوازيق حديدية كأن الشارع ذاك ملك للفندق و لم يقتطع من ارض أناس للمنفعة العامة و دفع ثمن ذاك الاستملاك من الضريبة التي تضرب رؤوسنا كل يوم.
      لسخافة الأمر أن ذاك الفندق يمتد من الجهة الأخرى على شارع رئيسي أقرب من موقع تمركز الميليشيا إن افترضنا أن الغاية درء الأخطار، أو أن أي فندق آخر من أمثال فندق أبو ربحي افتراضا أن هناك فندق أبو ربحي من فنادق النجوم الأربع لا يعتبر بالأردن و نزلائه إذا ما استهدفوا فهم ليسوا من الدرجة الأولى فلا نبالي، لا أدعو لوضع ميليشيا عند كل فندق أو تحويط الحالي بالميليشيات لا دخيلكم نحب ان نصل الى وجهاتنا بعمان خلال نفس اليوم، قصدي أن هذه المظاهر التشبيحية لا تخدم أي شيء لا بل تطبع صورة لدى أي مواطن أو زائر مشوهة لا تمت للواقع بصلة، مثلها مثل مظاهر تشبيحية كثيرة منتشرة بلا معنى أو تفسير.
      عذرا على العنوان إلا أنني لم أجد أفضل و أهذب من هذا الوصف فكان العنوان.

فارس غرايبة

Monday, 14 March 2011

استغراب مخلل


      نسعى دائما إلى إستفقاد الذاكرة، إستفقاد لأننا لا نفقدها فعليا، بل ننزع إلى تخليلها في معلبات نتناولها مرحليا حسب الطلب أو الجو العام أو المحيط أو حتى الجلسة، فالآن نتناول معلبات مخلل الفساد، لا ندري بعد قليل ممكن أن نتناول معلبات مخلل كرة القدم، أو معلبات مخلل المطبّات بالشوارع أو معلبات مخلل أيلول المحلي لا الأمريكي.
      الاستغراب نابع من أن هذا كله ليس أول مرة، كل شيء ليس أول مرة، ففي الزمن ليس البعيد نستذكر أسماء في ذاكرة المخلل، و كأن حياتنا كما صبغها تلفزيوننا، مكررة و معادة، و من أسماء ذاكرة المخلل، رهيجة ..... لا أريد أن أوضح، و بعد الاستغراب أظن أن مخلل الاعتصامات كان له الدور بتحديد أسماء بعض المستشارين، و قضية البورصات فاذكر شيء يقاربها فيقفز لذهني اسم رزق، أما الشركات الاستثمارية و استقطاب المستثمرين و الهيئات الاعمارية فحدث ولا حرج، فمن إعمار العاصمة التي زرعت حدائق إسمنتية استثمارية استُملكت للمنفعة العامة إلا أنها أُجّرت للمنفعة الأمانيّة، مرورا بحديقة عمرة و وصولا لا انتهاء بحديقة عبدون، فهي تذكرني بالمسلسلات اللامنتهية كـ "داينستي أو دالاس" فكم مر على أردننا (جى آر) و للفكاهة ف (جى آر) بالاسبانية يلفظ (إخ إره) و ما أكثر ال (أخ إره) في بلدي، ذكريات و ذكريات ليس ما يقوله إعلان حليب نيدو عن ذكريات أيام سعيدة بل ذكريات كبروا معها الصغار.
      هل هناك هدف من إبقاء الحال على ما هو عليه؟ أم الهدف الحفاظ على المخلل؟

فارس غرايبة

Sunday, 13 March 2011

سفن تحترق


      لماذا للسفن أنت حارق، فما أنت لأي شاطئ طارق، يا ابن زياد ألن تزور البلاد؟ عبر الزمان يُكتب التاريخ للسلطان، فإذا ما باد صار عبرة للعباد، كيف سنغادر في زمن الفجّار؟ فطارق أجّج بالسفن النار، و رمادها خطفه الريح مع موج البحار، وصفوا الجيش الجرّار فتخيلت سرب نمل يدب لالتقاط بعض حبّات قمح رُويت بعرق من بالريح ذراها ليستخلص من تبن الزمان حبات سمان، و بالمطحنة سمع جعجعة و سلبه الطحّان، فما رأى طحنا و لبيدره عاد، جلب لوحا مزركش بحجارة بركان، لا ليكتب بل ليقف عليه، و يحثّ دابته و بعزيمة الصابر ما كان الطحّان له قاهر، درس بقايا حبّات نازع عليها الطير، و بيديه المشققتين بعبَر الزمان، لملم ما بالبيدر بعد الدرس كان، حملها كأنها كنز من لؤلؤ و مرجان، و بالبيت على حجر الرحى القديمة طحن حبيبات قليلة، فكان أي شيء خير من لا شيء الطحّان، طحن ما كان و أبقى حفنة، و أولاده يحثّونه لطحن الحفنة، فنظر إليهم و قال و الأرض بعد الحرث من أين لها البذار، اعلموا أن بلا زرع لا تنزل الأمطار، أتظنون أنها تنزل لتسقي حدائق و جنائن الفجّار؟ أترون ذاك الجبل الشامخ البعيد، وحيد بالسهل كالغريب؟ انه بركان هو صامت هادئ الآن، لكنه ينظر إلى الطحّان، فان تمادى و بات يسلب دون ردع أو حسبان، سينفث حمما تطال أيّا كان.

فارس غرايبة

Thursday, 10 March 2011

ارض الحقد و النفاق


      بداية أستسمح العم الكبير الشيخ المعلم عبد الكريم غرايبة إذ استوحيت العنوان من كتابه "الأردن أرض الحشد و الرباط".
      منذ مدة و أنا أمانع نفسي الكتابة بهذا الموضوع الشائك، و لملاحظتي بروزه الملفت مؤخرا  بت في حيرة، هل هي مواضيع تُؤجّج و تُستغل أحيان و تخزَّن و تفرزن في مبردات السياسة أحيانا أخرى؟ إذ أن التوقيتات ملفته للنظر و المتابع للأمور يفهم قصدي.
      يابا يا فريد ترى أبوه لعطوان بك كان أحسن واحد بوادي الدفلى، و كان زلمة الله يرحمه، و الله يا عطوان بك جيتك مشان ابني فريد بلكي دبرته بأي شغلة عندك.
      و بعد تململ وعد عطوان بك أبا فريد بالخير للخلاص منه و سار على رأي المثل الذي علمنا الكذب "لاقيني و لا تعشيني".
      خرج فريد و أبوه و بالسيارة.
      ها يابا بالك بسويها عطوان بك؟
      و الله يا فريد شكله هامل طالع للي خلفه، لا بهش و لا بنش.
      طيب كيف يابا ما أنت قلت أبوه مليح؟
      أبوه؟ كان هامل الله يرحمه، كان عنده ملحمة ما يبيع إلا لحم فطايس، و اللا لعاد من وين قري عطوان و صار بك؟
      طيب يابا شو رأيك نروح عند عمي خلف، بعرف سايق الباشا، تراه السايق بمون ع الباشا.
      سبعك و سبع عمك معك يا فريد، هبيله إنت نسيت يوم ما مرت عمك قالت عن أختك انه شعرها قرعط، إيمتا بدك تصير تفهم، هبيله طالع لخوالك.
      ما إلنا إلا نروح عند خليل بك، بقولوا ناوي يترشح للنيابه بالدورة الجاي.
      دخل فريد و أبوه مكتب خليل بك.
      يابا يا فريد ترى أبوه لخليل بك كان أحسن واحد بجبل التنك، و كان زلمة الله يرحمه.
      رد خليل بك: بس أنا أبوي ما مات!!
      يا سيدي الرحمة تجوز على الحي و الميت، الله يرحمنا جميعا، و يا سيدي أنخاك و الا أنخى الذيب؟
      و تمتم خليل بصوت غير مسموع يلعن الذيب و أبو الذيب و الغنم كله ع هالصبح، لا يا بو فريد خسى الذيب قول شو المطلوب؟
      جيتك مشان ابني فريد بلكي دبرته بأي شغله عندك، و ترى إحنا مسجلين معك بالدائرة يا سيدي.
      ها و الله طيب شو دارس فريد؟
      و الله ما درس، وصّل إعدادي و بعدين صابه مسامير لحم باجريه و ما قدر يكمل، بس فريد ذكي و فتح بيعجبك يعني وين ما رميته بيجي واقف.
      يا أبو فريد أنت بتعرف الوظايف هالأيام بدها مؤهلات.
      له يا خليل بك انت قدها و بتدبرها من هون و هون، و إحنا إن شاء الله اعتبرنا "هنا الحديث بصيغة الجمع عن نفسه و أقاربه" عزوتك و إيدك اليمين بالانتخابات.
      اخذ خليل بك معلومات فريد الكاملة من ضمنها رقمي النقالين إللي مع فريد و وعد خيرا.
      بعد أن خرج خليل و أبوه.
      ها يابا و هالمرة بتزبط؟
      تراني مسكته من الإيد إللي بتوجعه، و مشان الانتخابات إلا يسويها، و لولاه ناوي يترشح تراه ما بفوتنا مكتبه، بالزمانات جدك راح لأبو خليل و طلب يحط عنده بيضات لأنه عندهم "قرُقّة" و ما رضي و خرب البيض و ما فقس.
      مساءا اتصل خليل بك مع صديق له بالقطاع الخاص ليجد مكانا لفريد، لبى صديقه علي طلبه و أخذ المعلومات و وعد بالاتصال به، لكن خليل بك قال له لا أنا سأتصل به و غدا صباحا سيكون عندك، مع الشكر، و فورا اتصل خليل بابي فريد.
      مساء الخير، تراني ترجيتلك واحد من الأصدقاء مشان فريد و وعدني يعينه و بكره بدي فريد يكون عنده، و تم تلقين المعلومات لأبي فريد.
      و بادر أبو فريد كالعادة: و هسعيات يا بك بدك اتحددلنا يوم نتغدى سوا، لا تقول لا ترى بزعل منك.
      طبعا هذه فرصة لمشروع المرشح خليل، لا و الله يا أبو فريد الواحد ما فاضي يحك راسه.
      جيرة.
      بالله لا تحلف.
      جيرة الله ما انت مفشلني.
      لا حول ولا قوة إلا بالله، طيب مشانك يا أبو فريد بس و الله.
      علي بعد انقضاء المكالمة، وين بدي احط هالموظف؟ لا حول ولا، يالله بتدبر.
      أحسّت زوجة علي بحيرته فسألته، و اخبرها بالحال، فقالت له كان اعتزرت؟
      أعتذر؟ عند خليل بك قرار العطاء اللي بنيت عليه كل آمالي، بالله يا فريال مشان الله شو بتحكي؟
      طيب مو مشكلة شوف شو بيصير هو الموزف شو بيتوأع؟
      الله أعلم بكره بنشوف.
      بالصباح، دخل فريد الشركة يختزن كل ما لخليل بك و أبوه و الأصوات المسجلة و غير المسجلة من أقاربه و المرشحين من عنفوان، و جلس ينتظر علي، و بعد وقت وصل علي مكتبه، فنظر إلى فريد فكان ذاك الشاب صاحب الأنفة، فظن علي انه بصدد تعيين مهندس أو مدير، فسلم عليه و سأله عن مؤهلاته و الوظيفة التي يتوقعها، وحينما أدرك علي المتطلبات اطمأن و تنفس الصعداء.
      علي صاحب شركة خاصة متزوج حديثا من فريال التي لا تقربه، و ارتبطا بعد قصة حب، و تزوجا بعد اخذ و رد و تجاذب بأوساط العائلتين، فهو من مكان و هي من مكان برأي أهلها انه مش من توبنا، و برأي أهل علي إنّ ابنة عمه استرله و بتظل منا و فينا، وكثيرا ما تكون عبارة منا و فينا يمكن اختصارها بكلمة "أوفر"، إلا أنهما و بعد إصرار تم زواجهما و بحضور طرفي الصراع، و بعد مدة بدأ الأهل بزيارة دار علي و فريال، فأقارب علي كلما تركتهم فريال لتعد ما تقدمه لهم، بدءوا بأسئلة التحري و الاستجواب.
      ها يا علي كيف حالك؟ مبسوط؟ شو بتعشيك زعتر؟ قلّي يا علي مشتهي المنسف؟
      و علي بكل برودة أعصاب يجيب بابتسامة مجاملة. و كذلك أقارب فريال، يوما تلحق بها خالتها إلى المطبخ متحججة بمساعدتها فتبدأ باستجواباتها، فريال يا حبيبتي، بيضربك؟ احكيلي ما تخافي.
      لا يا خالتي من وين بتجيبي هالحكي؟
      طيب انت حرة، بكرة بتزوج عليكي.
      صادف أن جاء صديق لعلي لزيارته بحضور أقارب فريال، فسأله احدهم عن من يكون صديقه فبعد التوضيح، تغيرت الوجوه و كان الامتعاض واضحا على بعض الحضور، فاستغرب علي و لم يعرف السبب، و بعد ذهاب صديقه، طلب من فريال السؤال عن سبب التوتر السائد، فسألت فريال خالتها و صدمت بإجابتها "هدول يا خالتو فلاحين".
      طبعا كان علي و فريال يخبر كل منهم الآخر بالأحداث السريّة و ما يجري وراء الكواليس، فيبقيا يضحكا على ما يدور من أحاديث و تعليقات.
      فريال كل يوم و الآخر و في كل فرصة تعد منسفا لعلي و باحتراف و إتقان، إلا أن عليا و في يوم فاض به الكيل سأل فريال، ألا تعرفي أن تُعدّي أي شيء آخر؟ يا فريال أنا لا أفضل المنسف و إن كان لا بد فأفضله بالدجاج، دهشت فريال فقالت ما قصدي إلا أن أقدم ما اعتقدت انك له محب.
      ضحك علي و قال يا فريال أنا لا أفضل المنسف، و مثلك لا أفهم كلمات كثير من الأغاني، أنا لا أتابع كرة القدم و لا تعنيني نتائجها، و لا أجد في أي من ذلك علاقة بالوطنية و حبي لبلدي، وطنيتي لا تُختزل بمائدة أو كرة وطنيتي ليست ملصق و صورة على زجاج سيارتي، ليست أغنية بمسجل السيارة بأعلى صوت ممكن، ليست مشاجرة بدون عنوان بأي مكان.
      غريبة هذه الدنيا، الغني يكره الفقير، الفقير يحقد على الغني، الموظف ينكل بالمراجع حاسدا و المراجع يغل في قلبه غضبا دفين، ابن هناك يكره كل من هو ليس من هناك، و المرأة تكره المجتمع لأنه يميز الرجل عنها و الرجل يكره المرأة إذا ما تفوقت عليه و يعزي ذلك بخباثة و همز و لمز كونها امرأة، نكره تلك لأنها محجبة و نكره تلك لأنها غير محجبة، الشباب يكره حارس المول، و الطلاب يكرهون الآذن حارس المدرسة حينما يطردهم من الملعب، و شيخ الجامع يكره كل من لا يصلي التراويح برمضان في مسجده و كأن المسجد له و ما عاد لله، و نكره الملتحي و الملتحي يكره الحليق، نكره الحيوانات الأليفة و غير الأليفة، نكره الصيف و نكره الشتاء، الطالب يكره الدكتور بالجامعة و الدكتور يكره الطالب لأنه يقود سيارة ليس بمقدوره حتى ركوبها، نكره الوزراء نكره المستشارين نكره الدول الشقيقة و الصديقة و نكره المسافرين و القادمين، نكره الأجانب و نكره الأمريكان و الألمان، نكره نكره نكره حتى أنفسنا و نبقى نصيح مش طايق حالي.

فارس غرايبة

اعتذر لكل من لقي تشابه بين الاسماء و الواقع كون ذلك بالتأكيد غير مقصود، و ارجو أن لا تكرهوني أيضا. 

Sunday, 6 March 2011

القذافي و الهمستر


      منذ شهر أو أكثر ألحّ علي ولدي أن أشتري له حيوان أليف، ليربيه و يتسلى به، و كالعادة بعد تجاذب للأفكار و جدل و استطراد بالفرضيات، طبعا فاز ولدي بعد كل تلك البيزنطية في الحوار. و ذهبنا إلى محل بيع الحيوانات الأليفة، إستقر الرأي على شراء فأر و ليس أي فأر، فأر أزعر "بلا ذيل" يسمى هذه الأيام همستر، و كان هناك زوج واحد فأصرّت ابنتي على شراء الزوج "لأنه حرام واحد لحاله" واحد لابنتي و الآخر لولدي، و كما أرادا كان.
      و بعد مضي زمن لا أذكر بين الشهر و الشهرين، اكتشفت أن الأنثى "الهمسترة" حامل !!! و بعد مدة وجيزة وضعت ما حملت، و لا أدري أهم ستة أم سبعة، طبعا و كقصتي مع كل الحيوانات الأليفة و متطلبات ولدي فهو يهتم بها لمدة بين الدقيقة و على ابعد تقدير ثلاثة أيام، فكنت من اليوم الثاني لشرائنا زوج الهمستر و أنا من يرعاهما و أقوم بكل الواجبات الموكولة إلي بأمانة، لكن يوم أن وضعت حملها، شعرت بالضعف و قلة المعرفة، و كعادتي عدت إلى "الانترنت" للبحث لزيادة معرفتي، أو الأصح بنائها من اللاشيء حول رعاية أطفال الهمستر، و الذي أدهشني مما قرأت أن أنثى الهمستر قد تقوم بقتل أطفالها إذا ما أحست بأي تهديد أو خطر، إذ يمكن أن تعتبر مجرد النظر إليها أو وضع الطعام لها أو حتى سماعها لصوت عال هو تهديد محتمل، فتلجأ إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية من هجومها على المعتدي، أو إصدار أصوات برأيها مخيفة و رادعة، أو تقوم بقتل أبنائها كحل أخير لاعتقادها غريزيا أن الخطر أتى بسبب وجود هؤلاء الأطفال.
      بعد قراءتي للموضوع و بحثي، لا أدري لم تبادر إلى ذهني الأخ قائد الثورة معمر القذافي، هل يتمتع بغريزة همسترية فيقدم على خطوة كخطوة الهمستر، و يحاول إبادة كل من في ليبيا؟ بعد أن استعمل التكتيكين الهمستريين الأولين، الهجوم و إصدار الأصوات المخيفة الرادعة؟

فارس غرايبة

Thursday, 3 March 2011

بكفّي تحميل جمايل


      لفت نظري عبارة مطبوعة على فاتورة المياه تقول (قيمة الدعم الحكومي على فاتورتك الحالية ؟؟؟ دينار)، فلمعت بالذاكرة لمحات عن كم تحملت من جمل المنة و تحميل الجمايل، منذ الطفولة حتى اليوم و إن شاء الله ليس لغد، مع استبعادي لكل تحسن بهذا الزمن.
      هاي نزلتك على باب البيت، جميلة فيصل سائق الحافلة عائد من المدرسة، و كأن المفروض أن ينزلني أول الشارع و أكمل سيرا.
      يالله هاي زيادة، جميلة أبو سهيل صاحب البقالة عندما يوزن أي شيء، و كأني طلبت منه أو أنني لن أدفع الثمن.
      طيب ماشي هالمرة مش رح أضربك أربع عصي على ظهر يدك، جميلة الأستاذ في الصف كوني لم اعرف الإجابة عن سؤال، الذي من واجبه أن يعرفني هو إجابتها، و عدم إجابتي فشله و ليس فشل أي طالب.
      ادخل ادخل مش مشكلة، جميلة دكتور الجامعة إذا ما وصلت المحاضرة متأخرا، لكن إن غاب الدكتور عن المحاضرة الوحيدة في ذاك اليوم فلا بأس، من أنت؟ أنت مجرد من يستجدي نفحة من علمه النادر، الذي بعد فترة نكتشف أن شهادة ذاك الدكتور مزورة.
      قرر مجلس العمداء منح فلان ابن علنتان درجة البكالوريوس، جميلة الجامعة قاطبة، "منحة" و كأني لم أدرس و لم أحضر المحاضرات أو أني لم أدفع الأقساط كاملة، و أبرأت ذمتي ماليا و علميا، و ماليا و مختبرات، و ماليا و مكتبة، و ماليا و جمعية، و ماليا و العباسية و و و.
      المرة هاي مشان زيد و عبيد من أقاربك ما رح أخالفك، جميلة شرطي الدوريات الخارجية الذي يوقفك على الأقل خمس مرات على أي طريق يربط بين أي مدينتين في الأردن، و كأني مجرم فار من وجه العدالة، أو أنه واضع القانون أو صاحبه يستعمله متى يشاء و يمنح العفو متى شاء.
      مشان الحجة ماشي هالمرة، جميلة شرطي السير إذا ما أوقفك و لم يجد أي مخالفة، و كأنه كما هو حال زميله شرطي الدوريات الخارجية.
      دعم الأعلاف، دعم المحروقات، دعم الخبز، دعم الأقل حظا، فاتورة النفط، و و و. كأني احتاج الأعلاف، أو أن حتى الأغنام التي تستهلك هذه الأعلاف و دعمها سعرها ينافس بأي طريقة بدعم أو بدونه، أو أني أدفع ثمن أقل للمحروقات التي أستهلكها مما يدفعه ثمنا لها أي مستهلك غير مدعوم كالأمريكي أو البريطاني مثلا، دون ذكر لفرق جودة المحروقات، أما دعم الخبز فلست أنا أو أي من الأردنيين خارج الحكومة من سيتضرر إذا ما رفع دعم الخبز، أنا لست مسئول عن توزيع الحظ حتى أتحمل جميلة من يدعم الأقل حظا على زعمه، و إذا النفط و فاتورته أرهقت الحكومة كما تدعي، يا عمي افتح و عوم و حرر سوق النفط و مشتقاته، بالتأكيد إذا ما انخفض سعره سيتحسن نوعه.
      متى دوري أنا في تحميل الجمايل؟ أنا دافع ضريبة الدخل، ضريبة المبيعات، ضريبة المسقفات، ضريبة المعارف، ضريبة المجاري أي "الخ**"، الضريبة الإضافية، جامعات، فلس الريف، رسم التلفزيون، رسم النفايات، ضريبة مقطوعة، رسوم أخرى، ضريبة عقد إيجار "صدر حديثا"، رسوم تسجيل، رسوم إفراز، رسوم نقل ملكية، عوائد تنظيم، تحسين أرصفة و شوارع، و و و .
      لا أريد أن أحمل جمايل، كل ما أريده أن يُحترم ذكائي، أن لا اضطر لواسطة لموظف ليبتسم و يقوم بعمله دون تحميل جمايل، أن يعاملني الموظف دون أن يفترض بداية أنني كاذب في كل ما أقول و أقدم.
      جابي الماء الذي طلب رشوة ليتلاعب بالعداد و حينما رفضت لم أجد عداد الماء، و اضطررت لإجراء معاملة كاملة برسوم كاملة و لا أدري أين ذهب بند "تأمينات" سابق الدفع، من جديد بصمت و هدوء خوفا من زملائه و لحاجتي لعداد الماء، و طوال الوقت و أنا أخوض غمار حرب العداد أفكر أليست هذه شركة مخصخصة أي خاصة؟ أليس الذي بيننا عقد؟ أليست كل الشركات إذا ما أرادت بيع خدماتها تقدم من طرفها كل ما يلزم لإيصال الخدمة؟ ذاك الجابي بقي و ذهب العداد و بت ألوم نفسي على رفضي رشوته.
      محول الكهرباء، لا يوجد في شارع عبد الله غوشة أي نقطة للاتصال بشبكة الكهرباء إلا أن أضع محول كهرباء و دفع ثمنه المخفض و مدعم بالجمايل، الذي لا مكان له إلا في المواقف المخصصة للمركبات، فاستأجرت شركة الكهرباء مني مساحة ثلاث محولات، طبعا لحاجتي للكهرباء كان بدل الإيجار دينار واحد سنويا نعم دينار واحد و نعم سنويا، و الأدهى و الأمر أن أمانة عمان غرمتني رسوم نقص ذاك الموقف الذي به المحول المغذي لاحقا لنصف شارع عبد الله غوشة، و كذلك عدت أفكر أليست هذه أيضا شركة، و ما بيننا عقد؟ و حسب قانون المؤجرين و المستأجرين الجديد يمكنني إنهاء عقد الإيجار مع شركة الكهرباء، و مطالبتها بإزالة المحولات، و إعادة الوضع إلى ما كان عليه، السؤال ماذا سيحدث بمطعم شهير بذاك الشارع، لا أدري لربما أُحرم من الكهرباء مدى الحياة و تبقى المحولات بمكانها دون دفع الدينار و أُغرّم بقرار محكمة.
      الحديث يطول و لا ينتهي، كما أنني أكيد أن لكل منكم قصص و حكايات كتلك، لكن إذا ما تغير التعامل و أصبح ينطلق من مبدأ أنني صادق، و ما أطلب حق، و بنفس الوقت القيام بالعمل الموكل أي شخص به واجب و ليس فضل، إذا ما تغيرنا و تحولنا بالتعامل من منطق اضطرارك لما أقدم و لا بديل عني، و وصولنا إلى أن نقدم لأن الواجب أن لا أتركك تضطر، لن نتحسن أو نتقدم لا بل سنتراجع و نتراجع كما هو حالنا.

فارس غرايبة

Wednesday, 2 March 2011

دمع القلم


      لا أحب السهر لكني للنوم أكره، أكره النوم كل يوم لأنه يأتيني بالغد اللئيم و كم الغد أكره، و أكره أن أصحو لأني بالغد سأكون، كم ظالم أنت أيه الغد، لا أعرفك لكن أول أمس نمت و كان الأمس بائس و اليوم أظلم فلِمَ يكون الغد غير ذاك؟
      اعتذر منك يا ولدي، انظر إليك، أتنهد، كم من الغد سترى ستكابد، عذرا ولدي آسف أنا عن ما في الغد و بعد غد، أراك تبتسم تضحك فأعلم انك لا تعرف الغد، الغد يا ولدي غدر، هم و كرب، مهما أعددت له يأتيك بغتة لئيم حاقد أسود هو الغد.
      يا ولدي بأي أصقاع الأرض ستكون تعيش بالغد؟ أنا ذقت ببلادي طعم الغد، و خلاصة ما تجرّعت و رأيت أوجزها لك نصيحة أب، ارحل يا ولدي، فغد أرضك مر، غد أرضك قهر للحر، لا تكترث بما يدور من حولك مما يسمى تغيّر تحرّر أو صلاح للأمر، إنها أشكال ظالمة جديدة تأتي أصلب و أقسى من ذي قبل، لا بل مناعتها أقوى و أشرس و أشد جور، ولدي أخاف عليك ممّا بعد غد.
      بلادي كانت جميلة وصدرها أوسع، لا أدري هل لجهل طفولتي برأيي إصبع، الآن أصبحت أرض نهمة للخير تبلع، وذكر لصاحب فضل لن تسمع، لسيرة كل من كان ذو ود تقمع، تذل العزيز و الحقير ترفع، لا علم و لا أي فكر ينفع، حقد و الكل بحسده يدفع، مقامك يُرفع إذا بالنفاق لسانك جعجع، أمّا إن حقاً قلت فثمن باهظ تدفع، ما من أحد للصدق ينصت ليسمع، حتى باتت لكل غرور متكبر مهجع، الشيطان و أباليسه لهم بها وجدوا مرتع.
      ارحل بني سر على صفحة ماء البحر، لا تكترث للموج فهو عابر و صاغر، على صخر الشطآن زائل، انظر الشمس و لا تنتظر القمر، إن واجهت ريح لا بأس فبعده خير المطر، لا تنخدع بزرقة الماء فقد سرقتها من السماء، و إياك أن تحاول الصعود بعيدة هي السماء، و كلما بمعراجها ارتفعت انقلبت سوداء،  إذا وصلت شاطئ المس الرمل فإن شعر قلبك دفء المكان فانظر حولك فالمس الألوان، و أصغ إذا ما أرهفت سمعك أي الحان، فابحث عن ابتسامة بريئة من أي إنسان، وقت ذاك اطمئن فأنت وصلت بر الأمان.

فارس غرايبة